هي فلسفة المجتمعات الغربية وثقافتها من حوالي 1850-1950 أي الفترة التي حقق فيها مجتمع ما بعد الثورة والمجتمع البرجوازي إنجازات تكنولوجية وفكرية هائلة وقاسى ويلات حربين عالميتين وشهد تحولاً حضرياً كاملاً في ظروف المعيشة والعلاقات الاجتماعية. وعكست فلسفة هذه الفترة وثقافتها التجريب والتغريب اللذين كانتا السمة المميزة لهذه الأشكال الجديدة للمعيشة والتفكير.
والمجتمع المرتبط بالحداثة هو المجتمع الذي نعيش فيه حالياً يتغير بسرعة هائلة أمام أعيننا وفي حياتنا وكنتيجة لانهيار الكثير جداً من الثوابت أو الحقائق التاريخية.
و الحداثة مقبلة نحو نهاية ما وما بعد الحداثة هي خبرتنا ومعرفتنا المتأخرة بالحداثة وبأنها رد فعلنا أو استجابتنا الفكرية والأخلاقية والجمالية لهذه النهاية. إنها فحص علاقتنا معا و رد الفعل تجاه نهايتها. إنها ليست فقط تحدٍّ للتقاليد والسلطة وازدرائهما إلى جانب الترحيب بالجديد واعتناق الصادم أو الدخيل، بل إنها تطرح نفسها على اعتبار أنها الفرصة لتجريد الافتراضات الأساسية والمؤسسات الراسخة من الرؤية الحداثية.
الماركسية تدين وتشجب ما بعد الحداثة على اعتبار أنها مجرد ناتج ثانوي من مخلفات المجتمع الرأسمالي المتأخر. فهي تشبه من وجهة نظرها أهدافاً ووسائل للاستهلاك. وهي تنسحب من التجريد والالتزام السياسي إلى ممارسة جمالية منغمسة في الذات أو مستغرقة فيها ممارسة هزلية أو ساخرة.
المحلل النقدي الرائد لما بعد الحداثة فريدريك جيمسون في مقدمته إلى "ما بعد الحداثة"، أو المنطق الحضاري للرأسمالية المتأخرة يكشف بصيغة نقدية صريحة وشديدة الوضوح عما يمكن أن يتحقق حينما تكتمل عملية الحداثة. لذلك يقدم مفهوم ما بعد الحداثة على أنه محاولة للتفكير في الحاضر. إنه يعترف بالسخط إزاء هذا (الصمم التاريخي). إنهم يريدون أن يقيسوا درجة حرارة العصر بدون أدوات. ويقول جيمسون إن ما بعد الحداثة هو الخيط الذي يقود إلى خارج المتاهة الفلسفية لوضع الحداثة أو حالتها. وفيما عدا ذلك ووفقاً لملاحظات جيمسون المدمرة ربما تتحول ما بعد الحداثة إلى مجرد مركز تجاري للسوق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق