أبحث عن موضوع

الخميس، 23 أبريل 2015

البتاوين وسعال الأزقة ............................. بقلم : قاسم وداي الربيعي /// العراق





من قديمِ الزمان
وأنا أعبر الحلم كجدار الصَخر
أربض بين جدرانها المُتهالكة كالغُلام
صوت الأساور يتسَلق الغبار
لم يكن لها وجهاً واحداً
تُعري به غرف البطالة
وبائعي السكائر وملمعي الأحذية
لم تستجدِ من الغرباءِ إلا عرق الجَبين
منذُ أزمنة تُغطيها الشَمس والمقَابر
مقاهيها الباردة تلعق الفَجر وتشعلُ النار في الضَجيجِ
تذكرني بالحقلِ والمَطر وجلجلة الصَليب
والعَابرون من هُنا عيونهم تترقب الانتظار
للمركب المثقوب منذُ دهرٍ
هي ترنو الى الطُرقات الحَالكة
والليل الداكن بوجه ( حديقة الآمة )
يشعرُ بالفرحِِ حين يَمسكهُ الفارون من اوطانِهم
يجمَعون سنوات اغترابهم من بين سوق البالات
وهي تأكل وتنام
كادحة سَريرها الزُجاج والشناشيل
البتاوين تفترش أهدابها للوجوه السُمر
تمدُ فقرها فراشا بلون الحقول
لرائحة الكباب العراقي والخُبز والجوع
تقطن على ضفافِ النهر والجَدائل
شوارعها كأفخاذ العذارى
بين أزقتها يَجلسون القرفصاء ويأكلون التبغ
لتَسهر كثيرا كي ينام الثمالى مُشرعي الوجوه
صوت ( زهور حسين ) يفتَرش السطوح اليابسات (1)
ينبت بين الخرائب ويَحرك الثياب الحمراء
الطرابيش الحُمر تعتمرُ رؤوس الماضي
الحوش , السرداب ، السدارة ، الأوسية (2)
هوية الظل التي تَمسك ذاكرة القلوب
يقفز الفَرح في دمها الحزين كالطرقات
تحرسها ألهة الشعر وسَاحة التحرير
شِعارها الغُبطة في أزمنةِ الموت واليأس
البتاوين مثل الوشم تَمسك جبين بغداد
وتفتحُ للقادمين ضلوعها كُل حين
......................... قاسم وداي الربيعي ...بغداد \ 2015 ........
_______________________________________________________
(1) زهور حسين مطربة عراقية ولدت في كربلاء عام 1918 ورحلت عام 1964 وكانت تجيد الغناء الريفي وغناء المدينة
(2) الأوسية ..المدرسة الابتدائية التي خرجت أجيال ولم تزل
*_البتاوين حي من أحياء بغداد القديمة ..جاءت تسمية البتاويين من كلمة "البته" وهي قرية من قرى الحلة وقد هجرها بعض اهلها ليستوطنوا ويعملوا في بساتين هذه المنطقة كبستان "مامو" أوبستان " الخس" و التي كانت قديما خارج اسوار بغداد وكان يطلق عليها منطقة البتّاويين نسبة الى اهل البته الذين سكنوها ومارسوا الزراعة على ارضها فيقال لمن سكنها هذا بتّاوي وسمي الحي بحي البتّاويين او البتّاوين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق