أبحث عن موضوع

الاثنين، 6 أغسطس 2018

من البصرة _ الموتى يفتحون القبور ! ................... بقلم : عبد الجبار فياض // العراق






(القصيدة حصلت على المركز الأول في ندوة الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد الثالثة التي اقامتها الرابطة المندائية الثقافية.)



لم أهبطْ طيراً أخضرَ على بابِنا ليلةَ الجُمُعَة . . .

بلْ كنتُ أنا

بآخرِ ما ارتديْتُ حيَّاً ممسوساً بعشق . . .

لَكُم أنْ تتَحسّسوني بمصباحٍ يُضئُ المائدة . . .

وأنا

أراكم تديفونَ اللّقمةَ الأخيرةَ بمُزحةٍ هزيلةٍ

فسورةُ الفاتحة . . .

ليسَ أمامي سوى فُسحةٍ فارغةٍ من عقاربِ الزّمن . . .

أرى فيها ما استتر

أسترقُ السّمعَ . . .

لكنَّني الآن

أشعرُ بدوار . . .

أمناخيرُ داحس والغبراء لم تزلْ تقتسمُ الهواء ؟

فوّهاتُ البنادق

تصوّرُ الشّوارعَ السّاخنةَ بعدساتِ الموت ؟

وينتهي المطافُ لغرفةٍ مُظلمةٍ يراها النّورُ ولا تَراه ؟

. . . . .

المتاريسُ وسائدُ الخائفين . . .

أقدامٌ

انتعلتْ خوفَها على دروبٍ

تشرذمَتْ . . .

لكنَّها التقتْ برجلٍ من غِفار

يشحذُ غضبَهُ لمنازلةِ جوعِه . . .

من أدغال بوليفيا بغليونِه المنقوعِ بعرقِ المسحوقين . . .

من أقصى السّوداء مسحتْ يداهُ عهداً شَطَرَ آدمَ بأقذرِ ما عُرف . . .

لم تفزعْها أرواحٌ من ساحراتِ سالم *

بدُخانٍ من شهواتِ لامُنتَمٍ لسوادِه . . .

هُراواتٌ

تفخرُ بقذارةِ الجّحود

جُنَّتْ لصوتٍ غابَ عن حنجرتِه زمناً

ردّدَتْ سنواتُ الصّمتِ صَداه . . .

اللهُ في عيونِ الصّغار

في عيونِ المفجوعات . . .

في عيونٍ تعرفُ وجوهَ القتلة !

. . . . .

لاشكَّ أنَّها تعرفُني

أبوابٌ

لا تُريدُ أنْ تلصقَني وجهاً

يمزقُهُ جلوازٌ

تبخّرَ ندى وجههِ بحرارةِ عُملةٍ مكشوفةِ السّاقين . . .

تُمسكُ عينُهُ ملامحي أنْ تضيع . . .

الشّيطانُ وهبَهُ قدرةً لاسنساخِ الماء . . .

لكنْ

لا غرابةَ أنْ يشنقَ حبلُ غسيلٍ يوماً صاحبَه !

. . . . .

أوّاه

شممْتُ من عنواناتِ صُحفٍ داكنةٍ

رائحةَ بيعٍ لهذا الذي وهبْتُهُ أغلى ما وِهِبْت . . .

إنَّهم يغتانونَهُ بوجوهٍ

تعالتْ أنْ تكونَ مع الذينَ اشتروا رغيفَ الخُبزِ بسمرةِ الجّلود . . .

يالبرومثيوس

من كبدهِ

يعدُّ وجبةً لفقراءِ الطّير !

ما كنتُ متردّداً كهاملت حينما صَرَخَ بوجهِ الكون :

أكونُ أوْ لا أكون . . .

مضيتُ على حدٍّ يجدعُ أنفَ الرّيح . . .

طلّقتُها وأنا في العشرين

بلغتُ آخرَ سنواتي بلحظةٍ واحدة . . .

هلْ لي أنْ أموتَ موتةً أخرى ؟

آهٍ

لو كانَ هذا الإستثناءُ !

. . . . .

أزَفتِ العوْدةُ

لم يبقَ إلآ أنْ أتسلقَ سياجَ بيتِنا العجوز . . .

وهو باسطٌ يديهِ دوماً لهاطلِ شتاءٍ

يستقرُّ في سُرَّتِه . . .

لم يزلْ مَعِدةً فارغة

ليسَ فيه ما يُغري أسنانَ فأر . . .

وجدتُهم نُوَّمَاً على ذاتِ الفراشِ الذي سِفاحاً

طارحتُ فيه همومي

بأحلامٍ تيبّستْ على جفونِ الأرق . . .

لستُ أدري

أميٌَتٌ أنا أمْ هم الميٌتون ؟

. . . . .

أيّتُها الحُقبُ السّائبة

لم يجدِ التأريخُ لكِ إسماً بعد . . .

خذي كَفَني

دحرجي إسمي لهوّةِ النّسيان . . .

فقطْ

ردّي نوراً

ابيضّتْ لفقدِهِ عيناهُ أبٌ . . .

لم أردْ أنْ أنكأَ جُرحاً في قلبِ عجوزٍ

سلبَها موتي الكثير . . .

ما أشعرْتُها

لكنَّها ستقولُ لكم غداً

أنَّها في منامِها رأتْني فلاحاً بسمرةِ أرضِه . . .

يأتزرُ عشقَه

يشقُّ السّواقي في أرضِ فارقَها الطوفانُ حبلى . . .

يبذرُ ما فاتَهُ من أمانٍ حُبستْ في قُمقُم . . .

لكنَّ الحصادُ لا يأتي لوقتِهِ وقتَ تخونُ الفصول . . .

. . . . .

انكفأتُ . . .

وددْتُ ما رآني ما رأيت . . .

ظننْتُ أنَّ الموْتى لا يُجرَحون

ها أنا عدْتُ إلى قبري بنازف . . .

لو أنَّ صخرةَ سيزيفَ تُقطّعُ أحجارَ رَجْمٍ من سُلالةِ السّجّيل . . .

ليتَكم تفعلونَها قبلَ لعقِ الأصابع . . .

القِصاصُ سيفٌ يغرسُ الحياة !

. . . . .

عُذراً حبيبتي

أنتِ البَعْد . . .

لهذا الذي صُلبَ كما المسيح . . .

كما الحُسينِ ذُبح . . .

صافحتُ موتي !

ما ضنَنْتُ بنَفَسٍ لا يُسترَد . . .

لا ندمَ في قاموسِ الموتى

اخرجوا من مقابرِكم نحوَ الشّمس

غادروا اقدامَكم

فقد تعفّنَ أسفلَها الزّمن . . .

الموتُ هنا فقط . . .

آنَ تُقرعُ أجراسُ هيمنغواي بلغةِ الشّرق !

لا تصنعوا هُبلاً من طينةِ التّصفيق . . .

اشتروا الحياةَ من جديد . . .

لا تجعلوها قبضةً من تُرابٍ بيدِ السّامريّ . . .

. . . . .


يوم سومري /تموز/ 2018


* مسرحية الكاتب التقدمي الأميركي آرثر ميلر
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق