ذاكَ المَقْهى، لا يَفْتَأُ يُناديني...
كُلَّما مَرَرْتُ مِنْ أَمامِهِ؛
تَجوسُ عَيْناي خِلْسَةً
في الجالسينَ...
الكُلُّ مُتَشاغِلٌ في الأكلِ والحديثِ...،
وَضَحِكاتُهُم تُؤنِسُ
جَوَّ المَقْهى الصغيرِ،
تِلْكَ الزاويةُ حيثُ الطاولةُ التي شَهِدَتْ قِرانَ قَلْبَيْنا...،
تَجُرُّني قَدَمايَ إليها كالأَسيرةِ
لا أَقْوى على الرفْضِ،
فما زالتْ أنامِلُ حُبِّكَ
قابِضَةً على قَلبِيَ
تَعْصِفُ به كَعِطْرٍ مُثيرٍ!
تَبدو حزينةً، أراها وحيدةً كُلَّما مَرَرْتُ بها؛ كَأَنَّها تَرفُضُ أنْ يَجْلِسَ حَولَها أَحَدٌ... يا لَوفائِها!
أَقْتَرِبُ منها فَتُفيق منْ حُزْنِها ويَزهو لَونُها...
حينَ أُشْعِلُ لَهَبَ شَمْعَتِها،
وأَسْتَسْلِمُ مَعَها لِأَكداسٍ منَ الذكرياتِ...،
يَصمُتُ ضَجيجُ المقهى فَجأةً؛
فلا نَسْمعُ كلانا سوى نبضاتِ قَلْبِيَ وصدى لِنَبْضٍ بَعيدٍ...؛
يَتَمَلَّكني التَوَتّرُ وأنا أرقبُ لهيبَها المُتَمَوِّجَ
كأنَّها تُعلنُ عن حضور ِطيفِكَ...
قاسِيةٌ غُربَةُ الروحِ
حينَ تُمْسِي يَتيمةَ الحُبِّ،
كمْ خَشِيتُ مِنْ حُبِّكَ لي،
ولحظاتِ النَشْوى
التي كُنْتَ تَطْبَعُها قُبَلًا
على غَديرَي وَجْنَتَيَّ...،
مَضَيْتَ كالحُلُمِ...؛
وتَرَكْتَني أَتَجَرَّعُ دمارًا
أَشَدَّ مِنْ طَعْمِ العَلْقَمِ
وَحَسَراتِ الشَوْقِ
بَيْنَ أطلالٍ مِنَ الذكرياتِ...؛
فَرِفْقًا بي أيُّها الحنينُ،
كُنْ لي قارباً لأَنْجُوَ بِكَ.
منتهى الجمال هيام
ردحذف