بينما العالم من حوله يخوض حربه الكبرى سرا وعلانية
وعلى جبهات متعددة وبطرق واساليب مختلفة ..
يغط هو في نوم عميق
يطارد حلما باليا مزقته الحروب
حلما بأن يحل السلام يوما على هذه الأرض !!
ينام كطفل منهك من كثرة اللعب والتجوال مع أقرانه
وكل همه أن يُغرق ساعات الليل واحدة بعد الأخرى
في نومه العميق لتطفو على الأفق شمس نهار جديد فيواصل ما كان عليه بالأمس !!
لم يكن يتساءل بعدما يصحو ان كان قد فاته شيء
أثناء رحلة نومه !!
لم يكن مهتما بشيء من احوال هذا العالم المتسارعةو المتقلبة بالرغم من أن حركاته ونظراته وطريقة كلامه لاتوحي بأنه رجل متبلد الشعور بل على العكس من ذلك ،إلا أن لامبالاته كانت عجيبة ومستفزة جدا !!
كان يغير مجرى الحديث كلما أخبره أحد أصحابه
ومقربيه عما جرى ويجري كأن يسأل محدثه ذلك قاطعا عليه استرساله عن سعر الباذنجان مثلا !!
أو يقول له فجاءة :
اسمع هذه النكتة الجديدة ..
وبعد أن يحكيها يطلق ضحكة مجلجلة
ويستمر بالضحك حتى تدمع عيناه ثم يتركه ويمضي !!
او يقاطعه ليسأله عن شخص ما غائب !!
: اين فلان لم اره منذ مدة ؟رغم أنه لم يهتم لأمره يوما!!
أو يعلق بسخرية على شيء ما يحدث فجأة او يمر من أمامه كأن تكون حركة تصدر من أحدهم او زيا معينا يرتديه شخص ما عابر أو تسريحة شعر وهكذا !!
أو يلتفت لمن يجلس الى جانبه فيهمس له ضاحكا وهو ينظر بطرف عينه لمحدثه فيتركه في احراج شديد ..
وكأنه يقول :
لا اريد ان اسمع شيئا أو اعرف شيئا فلا تتعبوا انفسكم..
لست مهتما !!
نعم لم يكن يبدو عليه أي اهتمام بأي شيء غير عالمه الخاص
ولا يحترم شيئا غيره !!
كان يومه عبارة عن عبث مستمر ومشاكسات لاتنتهي
لم يكن احد يعرف كيف وبماذا يفكر هذا الرجل او ماذا يفعل في خلواته ..
لا احد يعرف ولا حتى اقرب مقربيه !!
ذات يوم قائظ سأله أحدهم عن اهتماماته أو الشيء الذي يشغل تفكيره في محاولة فاشلة لاستدراجه وسبر غوره ، فقال :
مرت ستة ساعات دون أن أدخن سيجارة واحدة
ستة ساعات ياصاحبي!!
هل تعلم اني أدخن في مدة كهذه علبة ونصف من السجائر ؟
مارأيك ، الا يعد هذا إنجازا كبيرا ؟!
وبعد انصرافه كظلٍ تاركا فراغا ملحوظا في كل مكان يمتد فيه قال السائل :
إن قلب هذا الرجل يضج بالحزن والألم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق