أبحث عن موضوع

الجمعة، 12 فبراير 2016

ما أشبه اليوم بالأمس............... بقلم : ميادة العاني // العراق




يقول الشاعر :
بلاد في الفنى ملأى ولكن لغير اناسها يعطى الادام
ايا دار السلام يا شمس البرايا لاي بلية ساد الظلام
ايا بغداد حاضرة البوادي غدت جرداء يعلوها الركام
كم نفجع يوميا بأحزاننا ونغريها بالصبر . وكم من جور يقض مضاجع الثكالى فيحتضن الدموع ولكن الامل بالغد والايمان بالله .. والثبات زاد المتقين.
إلا المتنبي ذلك الشارع المكتظ بالحضارة السجينة بين أمهات الكتب , اوراق صفراء تفوح منها رائحة الانتماء . المتنبي ليس مجرد شارع للكتب , هو صفحات من التاريخ العبق , حتى باعة هذا السوق من طراز خاص , هم أدباء وشعراء بالفطرة يحاورون النخب ويلتهمون أمهات الكتب ويلتقطون لب الفكر
ما اشبه اليوم بالامس , وما اشبه ما مر على بغداد قبل 745 عاما حين استهان الخليفة العباسي المستعصم بالله برسالة هولاكو التي ارسلها اليه في رمضان 655 هـ (1257) مـ والتي تضمنت تهديدا ووعيدا فيما اذا لم يقم الخليفة بتسليم المملكة بالحسنى والتراضي . فجاء رده واهما باستعداده عدة وعددا للقتال في وقت يعلم فيه تماما ان ايوبيي الشام ومماليك مصر منشغلين بالصراع فيما بينهم وهذه المشكلات تمنعهم من النهوض لنصرة بغداد فما كان هولاكو الا ان بعث برسالة ( ان استعد للحرب فاني متوجه الى بغداد بجيش كالنمل والجراد ) .
نجح هولاكو بعد ان تحرك بجيش قوامه مئتا الف من الرجال في استمالة امراء المسلمين فامدوه بالمال والرجال كل من بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل والاتابك ابي بكر سعد الدين حاكم اقليم فارس وهذا هو ذات الفعل الذي قامت به دول الجوار حين مهدت للقوات المحتلة الطريق لغزو بغداد .
ومن دون الخوض في تفاصيل مللنا تكرارها وملت هي تكرارنا لها , وانما تاكيدا على صدق السنن الكونية التي تحكم حياة الانسان , ففي يوم الاربعاء 7 صفر 656 هـ اجتاح هولاكو بغداد ودمر كنوز فنية وادبية جمعها خلفاء المسلمين على مدى خمس من القرون , حرقها وقتل كل من صادف جيشه من اهلها , والقيت الكتب في دجلة حتى قيل انه اصطبغ باحمر الدم واسود الكتب , وقيل انه بنى اسطبلات الخيول بكتب العلماء عوضا عن الطوب واللبن .
الامر الذي لا اتذوق فيه الا طعم المفاجأة هو ان في اليوم ذاته والشهر ذاته ( 7 صفر )من عام 1424هـ - 2003 مـ دخلت القوات الامريكية الى بغداد .
وما اشبه اليوم بالامس وما اغرب المصادفة ففي يوم 14 صفر من العام نفسه 656هـ امر هولاكو بقتل المستعصم بالله مع اولاده واعوانه وكل من يمت له بصلة . وذات التاريخ 14 صفر حدثت جريمة حرق شارع المتنبي 1428 هـ .
ذات الاسباب التي سقطت فيها الخلافة ومن بعدها بغداد كانت سببا لسقوطها مرة اخرى بيد الاحتلال وهي :
1. تحديد الهدف الرئيسي من قبل المحتل في الاستيلاء والسيطرة على الكنوز التي تسبح عليها بغداد . مكانيا وماديا وموروثا .
2. الضعف والترهل في قيادة الدولة فالمستعصم كان ((فيه من هوج وطيش وظلم مع بله وضعف وانقياد الى اصحاب السخف .. ويلعب بطيور الحمام ويركب الحمير المصرية غير ناظر الى مصالح وامور المسلمين )) عن ابن ايبك الدواداري في كتابه ( كنز الدرر ) .
كذلك النظام السابق انشغل ببناء قصوره واشتد فيه الغرور فلم ينتبه ويعد العدة للحظة الحاسمة , ولم يتصالح مع شعبه ويركن اليهم بل نكل بهم سنين طويلة , وضيع ثروة وطن دون حكمة منه ولا دراية .
ومما اشتهر عن الخليفة المستعصم انه كتب الى بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل يطلب منه جماعة من ذوي الطرب , في نفس الوقت كان رسول هولاكو يطلب منه منجنيقات والات حصار فقال بدر الدين (( انظروا الى الطلبين وابكوا على الاسلام واهله )) .
ولا نحتاج الى كتب لنقول ما فعل الطارئون بالعراق فنحن تاريخ لا زال يمشي على الارض .
اهذا ما آلت اليه كعبة الخلود ؟
..... اسفي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق