أبحث عن موضوع

السبت، 13 فبراير 2016

شراب مختلف................ بقلم : فاطمة الشيري // المغرب


حملت نفسي في يوم بدت فيه مظاهر اليأس والقنوط، همت لساعات بين الأرصفة و الطرقات باحثة عن السكينة. تأملت أشجارا عرتها الرياح من أوراقها و نثرتها على الرصيف في كل الاتجاهات.
انطلقت في طريق لا أعرفه، باحثة عن هواء أستنشقه ليخفف الضغط الجاثم على صدري وأتغلب على ما أشعر به من ضيق. مشيت لساعات دون أن أدري الى أين وصلت ولا بمن مررت الى أن وجدت نفسي في مكان غريب عني. أخذت نفسا عميقا لينتظم نبضي المتسارع من المشي و الانفعال تابعت المسير، شعرت بقدمي لم تعدا قادرة على حملي. قصدت أقرب كرسي و ألقيت بالجسد المنهك. لم أعبأ بمن كان في المكان بل انشغلت بتأمل الأفق البعيد. تناسيت عمري ، صحتي، و عجزي .اكتفيت بالتطلع اليه من بعيد. انشغلت بمناجاة نفسي..
قدم لي مشروب، لم أطلبه، تأملته وأنا أسامر وحدتي . كأس أنيق بارد الشراب، أشعر بعطش وحرارة نتيجة المشي لساعات... سال لعابي رغبة في التهامه
أمسكت الكأس بين يدي بكل رغبة داعبت أناملي حوافه نظرت إليه من فوق. بدا لي سطحه هادئا حاولت اختراق صفحته لأصل الى قراره منقبة عما يحتويه .
سألت نفسي ترى كيف سيكون طعمه؟
هل أشرب؟
خوفي منعني من تجرعه ورغبتي كانت تحثني لتذوقه ، اختلطت الرغبتان. وقفت حائرة بينهما ،
الأولى تقول : الحياة تحتاج للمغامرة و المثل الدارج يقول الشراب الذي لا يقتل صاحبه سيسمنه
اذن سأشرب...
ثم تصيح الرغبة الثانية من أعماقي صارخة
الحياة ثمينة وهبة من الله ليس من السهل التفريط فيها بسهولة والحرص واجب
فأتراجع عما كنت مقبلة عليه في الوقت الذي تمنيت ارتشافه لأروي ظمئي حتى لو كان شرابا مختلفا عما اعتدته.
بينما أنا في حيرة من أمري أشرب أو لا أشرب
تمتد يدي للكوب تمسك به ثم تعود بدونه
تكررت هذه الحركات مرات و مرات
فجأة اختلطت ردود الفعل و تسارعت فتسببت في انسكاب المشروب كله على الطاولة .
بقيت للحظات أتأمل السائل الذي غمر المكان بكل ما فيه من محتويات.
فضولي كاد يقتلني لأنني لم أ تتذوق طعمه.
لملمت جسدي المسترخي محاولة الوقوف. غادرت المكان لأتخلص من تناقضات بداخلي. حاولت اقناع نفسي بأن القدر كانت له الكلمة الأخيرة عندما حرمني من المشروب .
بخطوات متثاقلة عدت من حيث أتيت. سمعت مناديا:
سيدتي سيدتي
التفت لأن الصوت كان يدنو مني قائلا :
سيدتي المشروب هدية من المحل لكل زائر، تعبيرا على ترحيبنا به . لقد قدمنا لك غيره ما دمت لم تتذوقي الأول .
شكرته بلطف وتابعت سيري.

كلام النادل حل جزء من حيرتي ومع ذلك واصلت طريقي لأني لم أعتد الندم على ما فات من أحداث .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق