أبحث عن موضوع

الجمعة، 12 فبراير 2016

كاد أن يفقد أخاه ( قصة قصيرة ) .................... بقلم : رفاه زاير جونه // العراق

بخطوات كسولة خرج وهو يحمل هواجس راحت تتوقد وتزيد في انغراسها في فكره ،بعدما سمع طبيب أخيه الذي صعقه بالحقيقة التي أخذت تشده بقوة إلى صور مظلمة وقاسية تنتقل به من فكرة الى أخرى تسحق تلك الصور الطموحة الجامحة في مخيلته التي كانت تلهو بمساحات عقله متخم بها والتي كان كثير الثرثرة عنها يفتخر بها في كل مكان، لكنه الآن مكبل بالصمت يخرج من داره الذي طغت عليه الوجاهة والذي كان محط انظار أصدقائه عادة ما يترقبونه ويبادرونه بالتحية طمعا في التقرب إليه لنيل شيء من ماله الذي كان يصرفه بدون اهتمام أو حرص، غابت ضحكته وصوته الذي كان يسمع صداه في المكان، لقد أصبح شبحا يعود في المساء ويدلف إلى داره متخفيا مترعا بهمه، يلاحقه الرعب والخوف تتعالى ضربات قلبه عندما تقع عيناه أو سمعه على حدث أو خبر ذابت. الثّلوج في قمم الجبال و سالت إلى السفوح جداول و غدران. شقّت راحة الأرض خطوطا تبعث الحياة في ثغور كممتها يد الشتاء. فانبلج الفجر عن ماس دافق يلثم براعم العشب و يمسح برفق على وريقات الزهر. تدلّت عناقيد الندى من أجفان الورد وعناقيد الشمس تسللت وشاح نور بين الاغصان . أتاه الصباح حاملا بين دفتيه كرسائل من ضفاف النهر و سنديان التل، حجارة الدرب و دلاء الجب، عثرات المنحدر و أشواق الوكن .أطربه تغريد بلبل حطّ على نافذة غرفته حاور نفسه أليس لروحه إقبال على الحياة. اعتمر قبعته و حمل عصاه و جرابه و بعثر العبير في طريقه، أسرع إليه و كله حب مرتسم بالعيون . سار معه. نقشا في المنعرجات ألف ضحكة .على الصخور ألف ابتسامة وعلى المياسم ملايين القُبل . حتى وصلا إلى مروج الحقل كأنها تنتظرهما بلهفة حنين فما إن حللا حتى أرخت الكلأ، أطلقت الترع، بعث الأقحوان، شقائق النعمان، أدنت أكمام الشجر ظلاّ و سترا. جلسا. ثم اخبر اخيه. هنا اعتدت الجلوس وحدي مع عوالم السماء النائمة على صفحات الغدير، كم رفعت يدي إلى ربي متضرعا تارة وأخرى أخرج الناي وابكي . تركت الفسحة لقلبي ليحدث الطّير و الغيوم. ليملأ أقداح نفسي حزنا، ليجوب أكوان السحر و الجن. فتناثرت الدنيا في نغماتي دموعا و كِلاما. رؤى و أحلاما .فأنّ تحت ياقوت الماء حجر هنا ارتعد، بكى ،صاح: كفى ...كفى .سحب أنفاسه. تبسم ،كفى قالها: وعاد يبكي هذه عبراتي الراسيات على الثّرى أن قلبي كاد أن يفقد أخاه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق