لم يكن بين مصطفى وسعاد غير حوارات الدردشة التي تاخذهما
حتى مطلع الفجر فهي لا تكلّفهما شيئا سوى سهر الليالي
وهي بالنسبة لهما فسحة من الحرية بعيدة عن الرقابة والعيون
الراصدة ويمكنهما مغادرة الصفحة في اية لحظة وكأن ما يجري
لا يثير ريبة او شكوكا من المتربصين ,قال مصطفى لامه مرة :
-انتم تحاصروننا وتضيقون علينا ,سننفجر يوما ,هل ترضون
لنا الهروب من جحيمكم هذا .
قالت الام :
-لكن (الفيس) سيذهب بابصاركم وراحة بالكم ,انتم في سهر
لا ينتهي ,انتم مرضى وعلاجكم لم يعرفه الاطباء بعد .
في احدى المساءات قالت سعاد لابيها :
-لا افكر بالزواج حاليا فما زال الوقت مبكرا والاختيار صعب
لان الزواج بغير حب ثقل وهمّ وانتحار كما اراه بينك وبين امي
من قرف وملل وصراخ ,وعراك ومشاكل لا تنتهي
اجاب الاب :
-انتم جيل الفيس بوك غرباء الاطوار لا نعرف ما تريدون ,
سوى انكم لا تنامنون ومولعون بالسهر ليس الا .
بعد شهرين من الحب الافتراضي من خلال الفيس حدّدا موعدا
ومكانا للقاء الحقيقي ,فازدهرت ساحة الاندلس بهما ,بعدما اتّفقا
على ان يرتديا كلاهما قميصا ابيضا ونظارة سوداء ,اما هي
فترتدي الشال الاخضر وحقيبة نسائية خضراء .
لم يفصل بين الحبيبين بعد الانتظار ولوعة الاشتياق سوى
المواجهة والتعارف الحقيقي وليس الافتراضي .
فوجئت سعاد مندهشةً وهي ترى حبيبها مرتدياً الشال الاخضر
والحقيبة النسائية الخضراء ,فماتا كلاهما من الضحك
وهما يبكيان قبل التعارف ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق