حين يمتد المساء بصمته في الشوارع المترفة بحنان السكون تستيقظ الأرصفة لمرور همسها من بوابة انقراض القمر على الزاوية المنفرجة بانتمائها ..
كنت أرى غدا فيها أقرب من تحسس أضلاعي وكانت ترى غدا حلما أخر تتوزعه قارات البحر التي غادرت أكفنا ، أنا أفتح بوابات عمري إليها كالنهار الذي يستطيب الجلوس على نافذتها ...
كانت تخزن مواويل الفراق على الضفة الأخرى من عمر أخر عند أرجوحة الوجع الساقط على أثارنا في حين كنا روحين في جسد واحد أو كنت هكذا أعيش لم أشعر بحضور جسدي إلا حين تدركني روحها بين أضلاعي ..
كنت أطعم النوارس المحلقة على شواطئ همسنا ...
كانت تطعم النوارس على الشواطئ الأخرى في أسفار الموج إلى الجرف البعيد ...
كنت أحلم بها كراهبة في قداس روحي حين تعطش أنفاسي إلى عطر أنفاسها ..
وكانت تفكر أن للبحر لون أخر من الموج حين تمخر السفن في الرحيل ...
كنت أنا الثابت فيها حتى وأن زلزلت المدن بأخر بنبوءة افتراق الأرض عن دورانها
وكانت تفكر بالغيوم الحبلى بعسر الصيف حين تنقرض علامات الحدود بالدهر الذي يعيد تلويحة الفراق عند أرق البحر بالموج الذابل بالنسيان ...
كنت أراها حتى زمن الروح حين تأتي الملائكة من شجرة طوبي تبشر أن السماء قريبة من الجسد ...
وكانت ترى الجسد أوثان مهد لا يأتي إلا حين تسد أظافر الحنين وجه السماء بلون بالتراب
كنت أراها مهد الروح في ترنيمة الأبد ولا تصطفي الفصول من غبار المدن العارية من الحنين إلا بالمرور على عينها ....
كانت توزع الكلام على مناشير الوجوه دون احتفاظ الروح بالارتقاء إلى جبل الكبرياء ..
كانت تناغي كل المسافات بحنجرة سكنها البرد في أول مواسم الثلج ..
كنت أحرس بوابات الجمر بأضلاعي كي أوزع الدفء في مساراتها ، ولكي لا تتوقف عند محطات اشتعال النار من أجل أن تدفئ أطراف الحنان المنزوع من عنوانها ..
كنت وكانت ...
حتى صارت عند صخرة القارات تبحث عن أثار حطبي حين تشتعل مدنها بزمهرير البرد في الدروب إلى قلبها ...
هي كانت ولكن لن تكون إلا زهرة البرد في براري عطش الحضور في شرائع الصدق الذي توصل إلى دفء مواقد الأبد ...
ستسقطها أنفاس العزلة الأخيرة من التوجع النهائي من الحضور إلى قلبي برحلة الفراغ ..
يمتهنها الأرق دون ذاكرة الدفء ...
تحتضن الخواء وتتلاشى بلا حضور ...بلا حضور وتغيب ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق