أبحث عن موضوع

الأربعاء، 10 يونيو 2015

قراءات في دفتر الجنون ....94 ( قناديل الضوء )................... بقلم : عباس باني المالكي /// العراق





أنتزع قدري من سرير الدفء وأصعد إلى الطوابق السبع من الحنين ، أتطاير إلى الشرفات المطلة على سماء البحر والجوامع الساكنة في دفتر التاريخ ...
تمر النوارس وهي تودع نعاسنا بالعسل الملوح على لوح النحل ...
أجذبها إلى همس الصبح على طاولة أول النهار كأميرة استفاقت بحضور وجدي المرسوم على أكفها ..
أرسم أول قناديل الضوء من عينها كأنها تاج النهار الذي بقى مستيقظا لانتظارنا
أخبئها كالتعويذة بين أضلاعي خوفا عليها من عطش الحنان ..
أعلمها أسماء المدن التي تنتظر مرور أقدامنا في شوارعها لعلها تبتسم ويعاد النهار شروقه من ثغرها ..
وكانت لي كأولي وأخري ..
حين تتنفس تملأ رئتي بالهواء ..
وحين تصمت تهدأ الروح ...
حين تشهق تطير روحي تحتضنها خوفا أن يأتي الغبار إلى تنفسها ...
كنت أرى بحضورها كل الأزمان تنتظرنا على شرفة الزجاج التي تغسل نقائها بالضوء من مرورها ....
كنت أراها حاضر الدنيا وأولها وأخرها ...
كنت أقتسم معها الحضور في أوله فيكون أخره في زاوية النسيان ..
هكذا كانت لي فلم أعلم أنها كانت تخزن كل غبار المسافات و جفاف الصحاري لترمي تنفسي بالاختناق ...
لكي أبقى غريب عن انتظار ضوء الروح ...
لم أعرف أنها تهمس إلى غد بتباشير الغياب والذهاب إلى البيت القديم تعد المقصلة إلى روحي وترميني بلجة الوجع المزمن بالنسيان ، مع أني كنت أكافح احتراقها من عثة هذا البيت وأمررها على المدن لتستطيب الحضور وتغسل ذاكرتها من تلقفات صراخ الجدران في ذاكرتها في الأمس ،
كانت تحدثني عن ومرارتها وحزنها المقفى بدائرة الحروف ألف لام ميم ...
وتلك جدارية الصم في تغريبة الروح عندما تنهار أطراف المكان عليها بالجلد لذاكرة حضور القمر في وحشة البلاط الممتد إلى عاصفة الانهيار لخواء الوجود ...
كانت كلما حدقت إلى البعيد ..
كنت أظن أنها تحتضني بالشجر المتفرد بخضرته ، فلم أعلم أنها تفكر بالاختلاء بالملامح الممسوحة من عشقي إليها لأنها اللون الأخر من البحر...
تلفها العزلة ولا تستفيق إلا عند الجدار المدمي بالنهايات المتوجة بانكسارات ضوء الشمس في ثقوب جثث الأشياء دون رؤية الشجر الأخضر في حضرة النهار ..
وتغيب كلعنة لا ينتهي زمانها في غابات الزمن القديم ...وتغيب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق