أبحث عن موضوع

الخميس، 19 فبراير 2015

السياسة والشعر المعاصر................ بقلم : فالح الحجية الكيلاني /// العراق





انتهت الحرب الكونية الاولى وكان من نتائج هذه الحرب التي قتلت الملايين من البشر وشرد ت مثلهم وهدمت البيوت على الرؤس ان حصل الاستعمار الغربي على ما طمح اليه في مد نفوذه الى كثير من البلا د في العالم والحصول على الثروات والاموال وكان مما حصل عليه من الاقطار العربية ان تقاسمتها الدول الاستعمارية فيما بينها واغتصبت خيراتها وحكمتها حكما ظالما قاسيا وبيد ابنا ئها من العرب . أي ان الحاكمين كانوا من ابناء البلاد ذاتها البسهم الاستعمار جلبابا قشيبا جميلا مزركشا وسلطهم على رقاب اخوانهم العرب ليحكموهم بالنار والحديد وتكميم افواه اخوتهم لحساب الاجنبي .
ان ما حصلت عليه الاقطار العربية هو اصوات هدير هذه المدافع وازيز الرصاص فقط الا انه ايقظ من كان نائما من الشعب العربي في شرق هذه البلاد او غربها فهبت الجموع العربية من رقدتها تناضل بعزم ضد هذا الاستعمار وتنتزع استقلالها منه بالقوة – مع العرض ان الاستعمار اي استعمار لا يخرج من اي بلد او مكان الا بالقوة وهذه بديهة قائمة - فاستقلت اغلب الاقطار العربية وكان اخرها الجزائر في ثورتها المباركة ثورة المليون شهيد في منتصف القرن الماضي وبها تخلصت من الاستعمار الفرنسي الذي حاول ان يجعل الجزائر العربية فرنسية فعمل على فرنسة الشعب العربي فيها لولا ان هب شعبها المناضل فاعلنوها ثورة عارمة بوجه فرنسا فازاحوا هذا الاستعمار بالقوة واستعادت الجزائر عروبتها من جديد وقد خلدت ثورة الجزائر الاف آ لاف الابيات الشعرية التي تغنى بها الشعراء العرب للثورة وأبطالها.
وحيث ان الاستعمار لم يترك الوطن العربي ليفلت من براثنه او من مخالبه بسهولة فزرع في ارضه وتدا شديد الصلابة والقوة – انه مسمار جحا ( اسرائيل ) كما يسمونه – اذ اوجد في قلب الوطن العربي دويلة جمع فيها اليهود من كل آفاق العالم وجعلها وطنا لليهود على حساب الشعب العربي وراح يغذيها ويقويها بكل ما اوتي من قوة وما عنده من موارد فكان ان انتزع من الوطن العربي قلبه ليقدمه هدية ليهود اسرائيل التي حاولت طرد العرب من فلسطين نفسها لتنشيء دويلتها على أراضيهم وتوسعها يوما بعد يوم .
وقد وقف الشعراء العرب الوقفة البطولية - ولا زالوا - من القضية الفلسطينية منذ الحرب الكونية الاولى مرورا بالثانية ونتائجها وحتى الان فقدموا الاف القصائد وملايين الابيات الشعرية في القضية الفلسطينية وبكل حالاتها وما تمخضت عنه وأجزم انه لا يوجد شاعر عربي واحد في مشرق الوطن العربي او مغربه الا وله في القضية الفلسطينية اكثرمن قصيدة :
لاحظ احدى الشاعرات المصريا ت تقول :
طفل شريد ضائع بين المسالك والدروب
يمشي على وجل ويبحث في المجاهل عن حبيب
صهيون غال اباه في غدر ولم يجن الذنوب
فمضى يئن : ابي حبيبي قد ذهبت فهل تؤوب
ان الشاعر العربي المعاصر ومن قبله شعراء الحديث او شعراء عصر النهضة ما كانوا الا حرابا وسيوفا مشرعة في وجه اعداء الا مة العربية وشعرهم يعد سجلا حافلا لكل ما اصاب الوطن العربي من مشاكل وما طرأت عليه من احداث صغيرة او كبيرة بضمنها احداث البلد الواحد من الاقطار العربية ناهيك عن توحد الكلمة العربية فالشعر العربي انشد للوحدة العربية بل هو الوحدة العربية بعينها فاذا كانت الوحدة السياسية بعيدة المنال بسب كثرة الحكام العرب واختلاف ارائهم وطبيعة حكمهم- ومنهم من لايزال مرتبط بالاستعمار الاجنبي الحديث او يعيش على فتات موائدهم او في كنفهم و مداراتهم له وعلى مساعداتهم - فان الشعر العربي او الثقافة العربية ككل تجاوزت هذه الامور وحققت رغبات الشعب العربي في توحيد كلمته فانشأ ت ثقافة عربية موحدة غذاها الشعراء والادباء والمثقفون بنتاجاتهم الثرة . وكلها تكاد تكون واحدة في لغتها و اسلوبها ومعانيها وما تهدف اليه وان اختلفت الا راء الشخصية او طبيعة النص بين شاعر واخر او بين كاتب واخر وهذا حق مشروع على اختلاف وجهات النظر لكن العبرة في العموم الذي اكد ويؤكد ان الادب العربي او الثقافة العربية بما فيها الشعر ما تصبو اليه نفس المواطن العربي اتجاه شقيقه في البلد الواحد او في البلاد المتباعدة فنرى الشاعر الجزائري او المغربي نظرته هي ذاتها نظرة الشاعر العراقي او السوري او الاماراتي او اليماني او السوداني لا اختلاف بينهم - ولا خلاف فقضايا الامة العربية مهما اختلفت فهي واحدة .
فالقضية الفلسطينية لا تزال القضية الاولى وستبقى للشاعر العربي المغربي او المشرقي ثم تأتي من بعدها الاحداث التي ألمت او تلم بالوطن العربي فعند احتلال العراق مثلا في عام 2003 م هب الشعب العربي هبة رجل واحد ولسان الشاعر العربي في العراق ا و في غيره كتبو ا الكثير عن بغداد وفا جعتها وما الم بها وما اصابها من اعصار دمر البلاد واهلك العباد من قبل الاستعمار او من الذين ساروا بركابه او الذين جاؤا معه من خارج البلاد ليحكموا بلدهم باسم الوطنية الكاذبة من الذين تنازلوا عن هويتهم العربية وجنسيتهم العراقية وقد جاؤوا يحملون جنسيات من بلاد اجنبية مختلفة او في نفوس هوى لغير بلادهم والا فما رأيك فيمن اعلن التنازل عن بلده وامته العربية فسقّط جنسيته لبلده سواء كان عراقيا او مصريا او مغربيا او أي كان . ولما حان الوقت المناسب وضع يده في ا يدي المحتلين الجدد لهذا البلد العزيز او ذاك واصبح حاكما يحكم بلاده لحساب الاجنبي باسم الوطنية الكاذبة .
وفي العراق مثلا اقول أليس من سقط جنسيته العراقية و تنصل عن وطنه وامته غير عراقي وغير عربي ولا يمت لهما بصله لانه هو الذي قطع هذه الصلة ببلده او باعها رخيصا بتجنسه او ولائه والا فماذا نفسر هذه الظاهرة : رجل تنازل عن جنسية وطنه واكتسب جنسية بلد اخر الا يكون احساسه الوطني في اعماق نفسه وقلبه قد صفّر او وصل الى حد درجة الصفر في وطنيته فباع وطنه بلقمة عيش او لذة جسد ية او اهواء نفسية جرّت عليه وتجر خزي الدنيا والاخرة وتبينت ازدواجية الشخصية عنده وانفصامها والا فماذا نفسر كل هذه الامور .
ان الوطنية وازع يعتمل في النفس او القلب وتنبع من نفس المواطن المحب لوطنه وتصب في مصدر نفسية وحقيقة الانسان ووجوده ومحتواه ويعبر عنها عما في خوالجه الحقيقية اتجاه بلده وامته - اذ ان هذا البلد جزء من كل - فالعراقي او المغربي تبقى نفسه تواقة لتحقيق مصالح لعراقه او مغربه او مصره اولا وللأ مته العربية ثانيا ولا تزال المقولة العربية القديمة نافذة الحكم ( انا واخي على ابن عمي وانا وابن عمي على الغريب ) اليس كذلك ياعرب ام تلاشت واندثرت وتنا زلتم عنها . الا ان الواقع يؤكد وجوديتها وثباتها في النفس العربية .
ويوم احتلال بغداد كتبت كتبت لها :
بغداد يابغداد يارمز المحبة والصفاء
ضيعوك الغادرون بظلمهم - ياللغباء
جعلوك فريسة للطامعين الغرباء
فليكتب التاريخ سطرا في المذلة والخناء
فقد بلّت نفوسهم المها نة بلا حياء
*************
غصبوا عفافك غيلة الظالمون الغاصبون
جاؤوك فئران جحر في الرذيلة غارقون
سود الوجوه زعانف في كل شر يمكر و ن
رحماك ربي منهم عسل الكلام لا فظو ن
بغداد يابغداد صبرا فانّا برحابك صابرون
استميح القاريء الكريم عذرا ان خرجت عن الموضوع قليلا انما هي العاطفة تغلب في بعض الاحيان صاحبها والحقيقة مرة ولو استحلت كثيرا او تغلفت بغلاف الحلاوة .
امير البيــــــــان العربي
د. فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى - بلد رو ز
******************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق