أمِّي ، رحلَ الدفءُ عن أسرَّتنا مذ ارتقيتِ السماءَ ، صهلَ الغيابُ ، ماأشدَّ صقيعَ الأيامِ ! لولا خيالك الطَّافرُ حناناً ، مازالَ الدَّهر يلاحقنا كخرافٍ يتعقبهُم ذئبٌ أو كجناةٍ فارين من العدالةِ ، يحفرُ خنادقَ أمام أرزاقنا ، يرشقُ زهورنا بالحجارةِ ، ويسقينا أكوابَ المرارةِ . بغيابكِ جفَّ ضرعُ الليالي، دار الزمانُ على نخلتي ، وطحنت رحاهُ سنابلي ، لن أقفَ كسولةً ضعيفةً ، سأسير على خطاكِ ، أضيفُ العسلَ لحنظلي ، وأرفو مزقَ الأحلامِ ، أرقِّعُ شقوقَ روحي العريضةِ بالصبرِ ، أتيتُ منزلنا الْيَوْمَ أدعو أشجارَ التينِ والزيتون التي رعتها يداكِ المباركتانِ لتسردَ لي حكاياتكِ الدافئةَ ، تنشدَ على مسامعي أغانيكِ ، وتعيدَ لعينيَّ صورَ الطفولة ومرحها في حديقة الدارِ مع أخوتي ، سأجمعَ زمرُّدَ الذِّكرياتِ وعقيقَ الأماسي النَّديَّةَ لأشتري بثمنها أقراصَ الحبور ، وفيتامين الحياةِ ، كما بعتً ماكينة الخياطة التي تفتخرين بأنها هدية والديك في العرسِ وقوارير المطبخ الضرويةِ ثمناً لتسجيلي في الجامعةِ أنا وأختي ، وأستلفُ من الغدِ حزمة نورٍ و مساحةَ راحةٍ ثمناً لدقيقِ السعادة ،كما استلفتِ الدقيقَ والحليب من بقاليةِ جارنا الحانوتي ؛ لتصنعي لنا كعكَ العيدِ ، وتمنحينا الحبورَ رغم جيوشِ الأسى و أشواكِ الحرمانِ .
أبحث عن موضوع
الأربعاء، 12 ديسمبر 2018
سأجمعُ عقيقَ الأماسي .................................... بقلم : مرام عطية / سورية
أمِّي ، رحلَ الدفءُ عن أسرَّتنا مذ ارتقيتِ السماءَ ، صهلَ الغيابُ ، ماأشدَّ صقيعَ الأيامِ ! لولا خيالك الطَّافرُ حناناً ، مازالَ الدَّهر يلاحقنا كخرافٍ يتعقبهُم ذئبٌ أو كجناةٍ فارين من العدالةِ ، يحفرُ خنادقَ أمام أرزاقنا ، يرشقُ زهورنا بالحجارةِ ، ويسقينا أكوابَ المرارةِ . بغيابكِ جفَّ ضرعُ الليالي، دار الزمانُ على نخلتي ، وطحنت رحاهُ سنابلي ، لن أقفَ كسولةً ضعيفةً ، سأسير على خطاكِ ، أضيفُ العسلَ لحنظلي ، وأرفو مزقَ الأحلامِ ، أرقِّعُ شقوقَ روحي العريضةِ بالصبرِ ، أتيتُ منزلنا الْيَوْمَ أدعو أشجارَ التينِ والزيتون التي رعتها يداكِ المباركتانِ لتسردَ لي حكاياتكِ الدافئةَ ، تنشدَ على مسامعي أغانيكِ ، وتعيدَ لعينيَّ صورَ الطفولة ومرحها في حديقة الدارِ مع أخوتي ، سأجمعَ زمرُّدَ الذِّكرياتِ وعقيقَ الأماسي النَّديَّةَ لأشتري بثمنها أقراصَ الحبور ، وفيتامين الحياةِ ، كما بعتً ماكينة الخياطة التي تفتخرين بأنها هدية والديك في العرسِ وقوارير المطبخ الضرويةِ ثمناً لتسجيلي في الجامعةِ أنا وأختي ، وأستلفُ من الغدِ حزمة نورٍ و مساحةَ راحةٍ ثمناً لدقيقِ السعادة ،كما استلفتِ الدقيقَ والحليب من بقاليةِ جارنا الحانوتي ؛ لتصنعي لنا كعكَ العيدِ ، وتمنحينا الحبورَ رغم جيوشِ الأسى و أشواكِ الحرمانِ .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق