تلك الشّمس الهاربة مِنْ قمقم اللّيل ترسمُ على جبين الأفق قُبلة أنْس، تنثرُ شعاعها جدائل شقراء يُمشّطها الصّباح بِوَلَهِ اللّهفة فتتدلّى أراجيح بهجة تمتطيها الكائنات دون استثناء ، تفتحُ لها نوافذ الوجْد بعد أن اغتسلت في بركة الضّوء . تفرشُ لها المُهج سجّادا فارسيّ الصّنع، قزحيّ التلاوين ، تنصبُ لها موائد ممّا " لا عين رأت ولا أذن سمعت" . قهوة صباحيّة في كؤوس معتّقة وليدة دنان شوق كمّمها اللّيل فأسقط عنها الصّباح أختامها.
على الرّكح تضجُّ الحركة ، كلٌّ يعزفُ على آلته المفضّلة ، يترنّمُ بأهزوجته والغاية واحدة ، حلم ٌيتثنّى في كوامن النّفوس ، سيمفونيّات تؤثّثُ أعراسَ سعيٍ ، تتشابه،ُ تتنافرُ أو تتكاملُ لكنّ الجميع يدور في فلك الهالة الذّهبيّة ، يصبُّ كلّ جهده ، يسابقُ الحظّ إلى نهل الدّفء ونيل المطمح.
وهي بخطى ثابتة تسير، تشرفُ على عالمها ، ملكة ٌتحسن التّدبير، تتابع الفعل في سواقي الوقت ، تلبسُ لكلّ ساعة ثوبا يناسبها ، ترسم ُعلى صفحة الزّمن تفاصيل رحلة الحمل والولادة ، منذ البدء ، تسقط شرنقة ، تحبو ، تمشي ، تطير محلّقة . عند زمن الذّروة تلج خطّ الانحدار.
تلك الشّمسُ بين شروقها والمغيب تخطّ مصيرا ، تخطّني ، تخطّكَ ، تدوّن فلسفة الكيان. بين لحظة ولحظة تُقام ممالك وتُهدر أوطان. بين حكمة ونزوة تختار موقعك أيّها الإنسان .
تونس.....12 / 12 / 2018
بقلمي ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق