أبحث عن موضوع

الأربعاء، 19 ديسمبر 2018

قصة قصيرة .......................... بقلم : كريس قرقوط / لبنان




الخامسة الا واحد و عشرون دقيقة فجراً، ما زلت اطوي صفحات جريدة أمس بنشوة عسى أن تكون جريدة اليوم تعج بأخبار أفضل. أُشيح نظراتي عن أجساد اطفال اليمن الهزيلة حتى لا أُضطَر إلى لعن نفسي إذا ما فتحت ثلاجة بيتنا، و أقلب الصفحة عنوةً حتى لا تغازل قلبي صور بيوت حلب المهدومة فوق احلام اصحابها، فتمطر في احشائي دمعاً يذرف شوكاً يُدمي أصابعي فوق لافتة الحي في الصورة المُجمِّدة للحدث. يخطر في بالي بأن المصور الذي التقط كل تلك الصور ليس افضل بكثير من الميليشيات الارهابية التي زينت شوارع الجزائر بالجثث منذ قرابة عِقدين او اكثر، فما زال التاريخ على نفس الوجه لعملة الموت، لا يتربص الا بما يعبق بقدسية السماء، فيردم اشعار محمود درويش التي كبدته عمراً في حضرة المنفى على اعتاب الشوق، و يُشَرِّح قصائد نزار قباني حتى تنزف دماً مُسكِراً لكل ضمير عربي لا عناقيد عنب او تفاح يسكت بطون اطفال الزعتري التي شبعت موتاً. فيلتهم كل ما تبقّى من سكة حلب و تدمر حتى لا يتسنى لصباح فخري أن يتأمل اشجار الزيتون ولا لزنوبيا ان تمسك زمام الأمور في مملكتها في حال كانت نظرية التقمص واقعية. لعل مغفرة الرب لم تَحُلْ بعد لانها لم تجد اي كنيسة صامدة حتى تستقيها سبيلاً لنا. اخبار جريدة امس ليست سوى تكرار لبشاعة المصور الذي باع آلام الناس و شوه ابصارنا مقابل شهرة او قطع نقدية. لعله لم يكن يأبه بأن لكل منا منظوره الضيق لاستدراك ما يحدث قبل ان يتفوه كلاماً يقابل عمراً في زنزانة مجهولة، او زر احمر يبعثر كيانه على حدود حاجز ليعبر الى الجنة. النتيجة الجلية الآن ان الساعة اصبحت على مشارف السابعة. و آن موعد زفة الصباح على انغامٍ فيروزية من دكان السيدة مريم، التي تمتزج برائحة الفلافل و الفتة من مطعم العم علي الشعبي لتجبرني عنوةً ان ارتدي معطفي الصوفي و اخرج لشراء جريدة اليوم فهل عساي اشتري جريدة الثورة ب ٢٠ ليرة ام العروبة ب ١٠ ليرات ام الوطن بليرة واحدة.
، 13-12-2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق