أبحث عن موضوع

الخميس، 19 يناير 2017

البدوي جبار( قصة قصيرة ) ................ بقلم : المفرجي الحسيني // العراق


- 1 -
إنقطع جبار ذات يوم عن محلتنا، كان بينه وبين سكان وبيوتات محلتنا ارتباط وجداني، لا نعرف له مكاناً يسكن فيه. غابت عنا أخباره. ذات يوم وانا اتجول في أحد الشوارع واذا صوت الرباب يعلو وحنجرة جبار تشدو من احدى المقاهي.

- 2 -
كدت أنسى جبار والرباب، وانا عائد من عملي، هابطاً الجسر. لقد سقط بصري على حطام رجل يقعي عند باب الجامع بأثوابه البدوية الرثة، عنق ذليلة منحنية مطرقة وكف مبسوطة مرتعشة ممدودة، هل هذا هو جبار؟ اقتربت منه، تأملته، لم يرفع بصره اليَّ. قدمت له سيجارة، أشعلتها ووضعتها في فمه. كان ساكتاً لا يتكلم مع احد عدا شدوه بالاشعار، رفع بصره قليلاً نحوي، واراد أن يتكلم أو حتى أن يتذكر لكن الذاكرة لم تسعفه. لقد هصره وعصره الزمن وأحاله الى كائن مهمل تجتازه أقدام المارة.
يا جبار أين الرباب حبيبتك؟ اين الشدو؟ أين الصوت العذب؟ انسابت الدموع من مقلتي جبار، وانتحب بصمت، لم احتمل المشهد نهضت متعثراً بقدمي مبتعداَ عنه، انثالت فجأة أغاني الشدو، شدو جبار في ذاكرتي، رددتها واحدة واحدة مع نفسي ومنها عرفت آلام جبار ومن أين جاء وأين يسكن! سيصهرني الزمن أنا الآخر وكل آخر، وأجهشت بالبكاء. بعض المقاطع لشدوٍ بدوي، حزين، عن فراق الأهل، والوطن, وحكاية الوطن.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق