أبحث عن موضوع

الأربعاء، 18 يناير 2017

عن المحبّة ونبذ الطّائفية/ قراءة في جمالية الترميز والنص الغائبل لنص "سين شين " للشاعرة ميساء زيدان ........ بقلم : شاهين دواجي / الجزائر .


سينٌ.. شين
..! سينٌ.. شينْ..
بينَ الشّكِ،..
وبينَ يقينْ
.. قرعَ الجرسُ.. فكانَ الدّرسُ
حروفَ هجاءْ
.. فيها الصّامتُ..
فيها الصّائتُ فيها الماءْ.. خريرُ نداءْ
.. ومعلّمتي آيةُ شمسْ
تبعثُ فينا هذا الهمسْ
.. سينٌ..شينْ موسيقى، شعرٌ، وفنونْ
سينٌ..شينْ من طائفةِ حروفُ الشمسْ
يعني : إنهما أخواتْ
من عائلةٍ، من طائفةٍ
روحٌ.. ذاتْ..
فحفظناها.. وكتبناها..ورسمناها
ومضتْ فينا
.. بأغانينا.. طيباً.. حبْ
.. وخطونا في ذات الدّربْ
.. لا نسألْ: منْ؟.. كيفَ..؟
وأينْ..؟
يجمعُنا صوتُ الآذانْ
تكبيراً ..عطرَ القرآنْ..
ثمّ كبُرتُ.. وتنفّستُ.
. بل أحببتُ.. حبيباً أجملْ.
. يغرسُ في عقلي الأشعارْ
.. لوّنَ في عيني الأقمارْ
.. وأنا: السّينْ
وهو: الشينْ
كنّا زهراً للأوطان
مهما احتلفتْ معنا الفتوى
تجمعنا القِبلةُ والنجوى
نتسامحُ.. نصفحُ
.. برجاءْ
.. لا غلّ ولا حقدَ
بقلبْ
يزهرُ حُبْ.
. سينٌ.. شينْ
جسدٌ واحدْ صوتٌ
واحدْ يجمعنا في هذا الدّربْ..
!!! ميساء زيدان
- يجمع النقاد على أنّ مسألة تغيب الدلالة والنص من أهم معايير النضج الإبداعي ذلك أن النص الذي يعطي كلّه من اّل وهلة هو نص قصير العمر ولا أدّل على هذا من القرآن الكريم حين بقيت دلالاته تترى على مرّ الأزمان على جلالة قدر من غاص في بحره . ويجمع النقاد توازيا مع هذا أن اقصر الطرق لهذه الجمالية ( تغييب الدلالة ) تقنية الترميز حيث يحيلنا الرمز الرمز الى الفضاءات المرادة والمآلات ما كنّا ملمّين بماهيته ونوعه عبر الخبرة التفكيكية ، فيقول هذا الرمز- بأنواعه - مالا تقوله الكتب من هنا اعتبر بعض القدماء التكثيف صنو الترميز.
- اليوم وانا أمام هذا النص الجميل "سين شين " أجد هذا جليّا بين يدي ، فكلية النص هنا تحيل على نصوص أخرى مغيّبة لاسبيل اليها دونما إعمال للهدم أقصد هدم النموذج الأول ( النص الحاضر).
1/ النص الحاضر :
- النص سرد جميل يحكي قصة تلميذة تخطو خطواتها نحو المدرسة وهي معجبة ببهاء معلّمتها كما هو الحال معنا حين نحب معلّمينا ... والدرس الأول الذي تتلقاه كان حرفيّ الهجاء " سين "/ " شين" ثم تتحدّث التلميذه عن صفها و وعن محيطها وكل ما تقع عليه عيناها ... حتى أنها تذكر حبيب البراءة الأولى فتكون له " السين " وتتمنى أن تكون له "الشين" .
2/-النص الغائب :
- حين نقرأ هذا التشكيل نمر بعلامات مرعبة ومشبوهة تمارس سطوة غريبة وتحيل على مكانات ليست هي بالقريبة فمن غير الممكن أن يكون أول درس للأولاد حرفا" السين" و"الشين" وهما من آخر حروف الهجاء نسبيا .؟
- ثم تزداد الريبة حين يوصف الحرفان بأنهما من" طائفة "واحدة تثنية على العائلة وهذا توسيع متدرّج ذكي للدلالة .؟ عند كلمة الطائفة لابدّ أن نقوم بالهدم والبناء من جديد فالنص المرجوّ وحش خرافي سيرهقنا وما بين أيدينا ظل بليد مخادع لهذا الوحش وإذن لابد من تأويل كل رمز على حدة ومن ثمة لملمة الشتات من جديد ؟. كما سأبين بعد قليل باختصار .
تحكي الساعرة عن الفتنة الطائفية الحاصلة في بلدها الأول سوريا والبدان المجاورة حيث:
- ترمز للطائفة السنّيّة بـ : سين ، وللطائفة الشيعيّة بـ : شين ، وهذا بارع جدا منها .
- وتتخذ رمز "المدرسة " للدّلالة على مدرسة الإنسانيّة التي تدعو الى القيم النبيلة واحترام الذات مهما كان معتقدها وتوجهها فالأنسان أمّا أخ لك في الدين أو أخ لك في الخلق .
- أما المعلّمة فهي التجارب التاريخية التي علّمتنا أن حمل النّاس على رأي واحد شيء سبيه بالمستحيل وهو هدم سريع للفطرة . وبخاصة إذا كان للمختلفان جامع كما في الحالة العربية / قرآن وآذان .
- ثم إن المطلوب من السين والشين أن يلتزما درس الإنسانية كما التزمه الأقدمون حين عاشوا متآلفين .
*سينٌ..شينْ من طائفةِ حروفُ الشمسْ
*يعني : إنهما أخواتْ
* من عائلةٍ، من طائفةٍ
*روحٌ.. ذاتْ..
*فحفظناها.. وكتبناها..ورسمناها
* ومضتْ فينا
..* بأغانينا.. طيباً.. حبْ
* وهنا إشارة ذكية الى أن الفتنة الطائفية شيء مراد بفعل فاعل .
وتستمر الشاعرة في ذات المعنى حين تتحدث عن حبيبها وهو معادل موضوعي للمواطن الأخر من الطائفة الأخرى :
* فأنا السين وهو الشين .
- وياتي أروع شي في النص حين تشير الشاعرة الى سبب الإحن الطائفية :
*مهما احتلفتْ معنا الفتوى
*تجمعنا القِبلةُ والنجوى
- نعم هي الفتوى ... فكم من دم أريق بسبب فتوى نابعة من طائفية مقيتة ؟ وكم من الثكالى وكم من الأيامى وكم ... الله وحدة كفيل بالنجوى بخاصة وأنّنا أهل قبلة واحدة ؟
وإذن فالسيدة الشاعرة تحكي قصة الطائفية التي أتت على الأخضر واليابس في الشام العزيز وفق تمويه بارع يخفي الدلالة ويشحذ الهمة القارئة . آمل أني أضأت لكم بعض المناطق المظلمة في هذا النص أو على الأقل دللتكم على نص جميل تستمتعون به حين تهزكم غريزة الجمال .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق