أبحث عن موضوع

الأربعاء، 18 يوليو 2018

يَتَغَمَّدُنِـي بِالنَّشِيــدِ الرّمــَادُ ...................... بقلم : محمّــد علــي الهانــي / تونـس






تَتَوَزَّعُنِي أنجُـمٌ
فِي سَمَاءِ المَنَافِي
أَنا لَنْ أَمُـــوتَ...
وهَذِي العَنَادِلُ تَغْسِلُ أَلْوَانَهَا
في حَرِيرِ انْتِحَارِي .

* * *

لَيْتَ لِي جَمْرَتَيْنِ
لأِغْرِسَ في وَجَعِ الوَرْدِ أُنْشُودَتِي .
يَا تُرَابَ المَوَاويلِ
مِنْ شَفَقِ الطِّينِ هَذَا الصَّهِيلُ
ومنِ وَرْدَةِ الرّيحِ
ثَلْجِي وَ نَــارِي .

* * *

هَلْ تَوَشَّحَ بالنّخْلِ هَذَا الخريـفُ ؟
وهلْ أشْعَلَ البَحْرُ حُلْمَ المَجَاذِيفِ ؟
كَانتْ لَنَا نَخْلَةٌ
يَتَعَطَّرُ في جُرْحِهَا قمرٌ ...
قُــمْ بِنَـــا
هذه الشَّمْسُ في خِدْرِهَا
قُــمْ بِـنَـا
نَصْفَعِ الشَّمْسَ بالاخْضِرَارِ .

* * *

آهِ ...! يَا لُغَةَ السَّيْفِ
قَدْ يَتَوارَى الصَّلِيلُ ,
ويَسْحَبُ أُهزُوجةً مِنْ شَذَاهَا
ولَــكِنْ ...
تَظَلُّ لأُمِّي الَّتِي وَدَّعَتْنيِ
مَرَايَا تُجَمِّعُ كُلَّ الكَوَابِيسِ
في ظِلّها المُتهَدِّجِ ...
فَانْتَظِرُوا لؤْلُؤَ البَرْقِ مِنْ جُلَّنَارِي .

* * *
هَذِهِ دَوْحَةٌ مِنْ دَمِي
أَشْعِلُوا الشَّدْوَ في قِمّتَيْها
يَعُدْ نَحْوَ خَاصِرَتي السَّيْفُ ...
يـَا غَابةَ العِشْقِ،
إِنّ الدُّرُوبَ إِلىَ الجَمْرِ
تَبْدَأُ مِنْ بَيْدَرٍ أَحْرَقَتْهُ السَّنَابِلُ
إِنّ الدُّرُوبَ إِلَى الرَّمْلِ
تَبْدَأُ مِنْ نَخْلَةٍ
تَتَوَهَّجُ في وَحْدَتِي وَانْشِطَارِي .

* * *
يَتَغَمَّدُني بالنّشِيدِ الرَّمَادُ,
ويَفتحُ أشْرِعَتِي للنَّوَارِسِ جَمْرٌ
قِفُوا أيُها العَاشِقُونَ
لِسُنْبُلَةٍ تتوجّعُ في حُلْمِهَا قطراتُ النَّدَى
ثُمَّ مُـوتُوا ...
لِيَسْتَرْجِعَ المَيِّتُونَ فَوَانِيسَهُمْ
وَيَسِيرُوا عَلى جَسَدِ الأُقْحُوَانِ
مِنَ الانْدِثَارِ إلى الانْدِثَارِ .

* * *

شَجَرٌ يَخْلَعُ الرِّيحَ مِنْ نُسْغِهِ,
ويَسِيرُ إِلَى شَفَقٍ
يَسْتَظِلُّ بِأَوْجَاعِهِ,
ويُوَاعِدُني بِالذُّبُولِ,
ولا ينْحَنِي في الذُّبُول لِغَيْر احْتِضَارِي.

* * *

شَجَرٌ يَخْلَعُ الظِّلَّ مِنْ لَفْحِهِ ،
ويُحاصِرُ عُشَّاقَهُ بالنَّوافِيرِ...
هذَا الخريفُ يُظلِّلُنِي ...
هلْ تعودُ إلَى الرّيحِ أشْجَارُهَا ؟
هلْ تعودُ إِلى شجَرِي نَجْمَةٌ مِنْ غُبَارِي ؟

* * *

مطرٌ... مَطَرٌ
يَسْتَفِيقُ النَّدَى مِنْ مباهجِهِ
سفَرٌ ... سَفَرٌ
يَسْتَرِيحُ النَّدَى مِنْ صَوَاعِقِهِ
ويعودُ إلَى أُمِّهِ
عَارياً مِثْلَ سُنْبُلَةٍ
يَحْمِلُ الطّينَ والطَّمْيَ
آهٍ ...! لِماذَا يُحَمِّلُنِي الطَّينُ كُلّ كَوَابِيسِهِ
وأُحمِّلهُ حُلُمِي وانْتِشَارِي ؟

* * *
هوَذَا الطّينُ يَغْتَالُ مَوْتِي
وَيَسْكبُنِي في خَمِيلَةِ جُرْحِي ...
ألوذُ بِأُغْنيتِي
لِأَعُودَ إِلَى المَوْتِ ثاَنِيةً
ويعودَ إليَّ انْتِصارِي .

* * *

الْموانِئُ تَقْرَعُ أجْراسَهَا
والنَّوارِسُ تُخْرِجُ أسْمَاءَهَا
مِن كِتابِ المَراثِي ...
ألاَ أَيُّهذَا الغرِيبُ
لِمَنْ أسْلَمَتْكَ الأقَاحِي ؟
ومَاذَا تَرْكتَ لِعَاشِقَةٍ في المَرَاعِي ؟
أَنَا لَنْ أمُوتَ
وكُلُّ العَوَاصِفِ تَجْتَرُّ أَحْلاَمَهَا في انْتِظَارِي.

* * *

هذه نَخْلَتِي
تَتَكسّرُ هُوجُ الرِّياحِ على جِذْعِهَا
هَذِهِ قَامَتِي
تَتَكسَّرُ شُمُّ الجِبَالِ علىَ سَفْحِهَا
أيُّها البَحْرُ خُذْ مِن دَمِي قَمَرًا
وتَدَثَّرْ بأُغْنِيَتيِ
تَسْتَثِرْ وَجَعَ الّليْلِ
في وَشْوَشَاتِ النَّهارِ .

* * *

تتَوزَّعُنِي أَنْجُمٌ
في سَمَاءِ المَنَاِفي
أَنَا لَنْ أَمُوتَ
وَ هَذِي العَنَادِلُ تَغْسِل ُ أَلْوَانَهَا
في حَرِيرِ انْتِحَارِي ...
أَنَا لَنْ أَمُوتَ ...
و إِنْ مِتُّ يَسْتَرْجِعِ الميِّتُونَ فَوَانِيسَهُمْ
مِنْ دَمِي و اخْضِرارِي.

______________________________________________
* تحصّلت هذه القصيدة على الجائزة الأولى مفدي زكرياء المغاربية للشعر-الجزائر2004
______________________________________________


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق