أبحث عن موضوع

الخميس، 19 أبريل 2018

كرسي جريد ............... بقلم : صبري سلامه البحيري / مصر


ذات ليلة لا قمر فيها ، ولا ضياء إلا من بعض مصابيح أعمدة الانارة القريبة . حاولت شهرزاد ممارسة هوايتها القديمة بعد أن نفدت لياليها الألف.
بلغني أيها الملك الحزين ، العاقد للجبين . أن ملكا شغلته الحكايا ، و الزواج بالصبايا، و نسي البلاد ، و شؤون العباد ..
يرمقها شهريار بإمتعاض ،مدفوعا ببعض من كبرياء أيامه الخوالي
و مع اهتزاز هيئته المنتفخة لم يتحملها كرسي الجريد من تحته فأصدر صريرا يشبه الإستغاثة في تلك الشرفة العجوز المطلة في شجن على مقلب نفايات المدينة ، التفت اليها محذرا
ــ أصمتي
و كأنها لم تسمع شيئا تمادت شهرزاد ..
ــ أما مملكته فقد خسرت الحدود ، و الامتداد المهول ، و عربد في أوصالها عبث المغول..
ففي الغرب صارت بين العباد حرب ، و في الشرق زُرِعت الخيانة ، و اقتلِع الحق .
أما في الجنوب فقد تمزق الثوب، و في الشمال أُهين الكِرامُ ، و تشرَد الجمال..
اهتز شارب شهريار مع صيحته..
ــ مسرور ....
و هي بهدوء تُردِف ..
ــ اخفض صوتك مولاي ، و اجلس في سلام . فالوقتُ متأخر و الجيران نيِام. أنسيتَ جلالتك أنك لكي تدفع المتأخر من إيجار الغرفة شهور قد بعت بالأمسِ العبد مسرور.. ؟
ألجمته كلماتها ، فهدأ شاربه فوق شفتيه ، و أستقر مع همهمات غامضة لم تتوقف إلاعندما علا صوت قط مع كلب ضخم في مكبَ القمامة في معركةٍ من أجل عشاءٍ متأخر انتصر فيها صاحب البدن الضخم . أما القط فإنسحب ..
يقهقه شهريار منتشياً بتلك النتيجة و لا يزال سمته للخارج ..
ــ لم تعد حكاياتك شهرزاد ممتعة كما كانت .. أنظري .. دائماً البقاء للأقوى ..
ترد مع التفاتة على مكان جلوسهما..
ــ أي بقاء مولاي ..؟ أتقصد في تلك الشرفة لمشاهدة القمامة ..؟
يشعر شهريار في تلك المرَة بغصةٍ قد سدَت أذنيه ، و حنجرته أيضا . فقام من مجلسه ملقياً بكرسيه من الشرفة إلى القمامة ثم رجع متململاً للغرفة ، يبعثر ما فيها .
ــ أين ..؟ أين .. السيف ؟
انفجرت شهرزاد بضحكات هستيرية لم يعهدها شهريار فتجمد غيظا ً، و في محاولات منها للتحكم في حروف كلماتها فتنسل متقطعة من شفتيها .
ــ أنك قد رهنتَ سيف مسرور البتّار من أجل طعام الإفطار .. لا عليك مولاي .. هكذا هو الزهايمر ، أجمل مافيه أنك تتذكر بعض من يومك لا أكثر .. أراك مولاي تفتقد مسرور ، و سيف مسرور .. فلا تحزن فا بفضل حكمتك أصبح كل الشعب .. مسرور .. ، و قد اقترب الفجر ، و سيسطع النور ..
متهدلا يقف شهريار مستنداً بظهره للجدار ، ينظر لشهرزاد ، و بصوتِ كصرير كرسيه القديم ..
ــ أذهبي شهرزاد أنتِ طا.....
تمت

8/4/2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق