أبحث عن موضوع

الخميس، 22 مارس 2018

فيوض الدّلاء_ نص سردي ................... بقلم : جميلة بلطي عطوي / تونس



يا أبي

بين صحوة وغفوة تنسكب الذّكرى عبير بيلسان يُفعم خافق التّمنّي...يركب صهوة الوعد...يشدو...حداء يستحثُّ ُ مطيّة اللّقاء...يشدّ الرّسن ...يجاري خبب الخطى...يركض...يلهث...يتوقّف عند نقطة الابتداء.
بين صحوة وغفوة يعزفُني الحنين نوتات شجيّة توشوش في وريد الحرف...اِهمسْ...صوت أبي أنت يتردّد بين الحنايا... يَحملني على أكفّ الرّاحة، يراقبني أكْبرُ وبين يديه أستوي زهرة فوّاحة ...يبتهج لحركتي، لحديثي وإنْ كان أحيانا بسيطا كطفولتي الغضّة لكنّه سعيد بي وبإخوتي . ما رأيتُ أروع منكَ يا أبي ، تضحية لا شبيه لها في طبع البشر ...لقد ألغيتَ وجودكَ بعد موت أمّي لتؤمّن لنا السعادة والأمن بل كنت أبا وأمّا في ذات الآن.
ونحن بين يديك الكريمتين نكبرُ ، نتطوّر وننجح ...لن أنسى يومي الأوّل بالمدرسة وأنتَ ترافقني ، تشدّ من عزمي وتزرع فيّ من عزمكَ ما يكرّس القدرة ويعطي الدّفع أو احتفالك بنجاحاتي وأنتَ تفخر بأن ابنتك من الأوائل الذين كسروا في قريتنا مقولة أنّ المدرسة للذّكور....تلك لحظات من الزّمن تساوي العمر كلّه وهي في نفسي معين أمان على مرّ الزّمان ...كمْ أشتاق إليك يا أبي ...كمْ يضني الصّقيع النّفس في بعدك، كمْ يهزّني الحنين إلى أنفاسكَ تتردّد في أذني تداعب الطّفلة فيّ ، تهدهدني"بُنيّتي...نور الحياة أنتِ". لولا ذكراك يا أبي ما كنت أقدر على حياة فقدت بعدكَ السّمات.
لكن من عمق الوجدان ينبري إحساس خفيّ معه يرفّ النّبض رغم الآهة ويتردّد الصّدى... "بنيّتي...نبض الحياة أنتِ."
فيردُّ القلب في وهن...بعدكَ يا أبي خاصمني الضّياء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق