أبحث عن موضوع

الأربعاء، 6 ديسمبر 2017

قراءة نقدية للمقاطع التسع بين الحُلم والألم للشاعر عادل نايف البعيني...................... بقلم : على حزين / مصر



في البداية أنا لست بناقد .. كما أني لا أستطيع أن أتناول بقلمي المتواضع قصيدة لقامة وقيمة بحجم الفاضل الجليل الأستاذ " عادل نايف" والذي أزعم بأني تعلمت منه الكثير, والكثير علي قصر المدة التي عرفته فيها من خلال "الفيس بك" وتحديداً من خلال المؤسسة العظيمة الجميلة .. " مؤسسة صدي الفصول " وأزعم أني لم أجد أحداً يقوم بجد وإخلاص وحب في خدمة لغتنا الجميلة إلا النذر القليل وهو واحد من هؤلاء .. وحتى لا أسرف في المديح ــ وهو أهل لذلك ــ وحتى لا ينطبق علي قول القائل .. ــ من أسرف في المدح فقد أزم ــ أدخل في انطباعي , ورؤيتي للقصيدة التي طالعتها علي الصفحة الخاصة بالمؤسسة العملاقة بأهلها وما يشيد فيها .. وقد وقفتُ أمامها طويلا , مندهشاً , ومأخوذاً لجملها , وما حوته من أحاسيس ومشاعر حزينة , أزعم أنها تخالط وتختلج في صدور كثير من الذين يحزنهم الواقع الأليم الذي آلى إليه حال بلادنا وما صارت إليه أمتنا اليوم , بعدما كنا وكان الزمان معنا .. وهذا يتجلي في مقطع رقم واحد الذي يقول فيه الشاعر
****
كلما الأحـــزان تكبرْ
يطربُ الجرحُ ويسكرْ
ويصير الشــــوق شوكا
والهوى في القلب خنجرْ
والذي شدني بل أجبرني أن أتوقف أمامه برهة لأكتب عن تلك القصيدة هذه السطور المتواضعة الزهيدة .. والتي لن توفّيها حقها بكل تأكيد .. لأن القصيدة تحتاج إلي دارس ومتخصص في النقد يغوص فيها ليستخرج منها اللآلئ,والدرر الثمينة.. هذه المقاطع الثلاث,والذي يقول فيها الشاعر
كلّما الأرزاء تهمي
يرقصُ الموت ويدمي
ويصير الحلم جرحا
والأماني تغدو مجمرْ
***
كلّما الغـربان حامــتْ
وضــياءَ الـحقّ طالتْ
فيصيرُ النـــور عتــماً
وعيونُ الصــبرِ تمطرْ
*****
كلــما الأحــلام أدمتْ
والرؤى غامت وأردتْ
يغدو لون الثــلج أسودْ
و يسود الحـقد أكــثر ْ
****
راقت لي فوجدتني أكتب عنها .. وأنا لست بناقد .. ولكن يشفع لي أني من محبي الشعر .. ومن متذوق الإبداع .. فأنا أول ما لفت إنتباهي فيها أنها قصيدة خفيفة ومن السهل الممتنع, مع رصانة في اللغة والأسلوب جعلتها تصل لحد السهل الممتنع .. الذي يصل لكل المستويات العقلية .. بجرسها الموسيقي العزب الجميل .. وكلماتها الرصينة القوية البليغة .. لكني بحثت عن إسم لها فلم أجده .. وكنت أتمني أن لا يغفل الشاعر هذا , فإسم القصيدة .. عنوان ومفتتح ودليل علي العمل .. ولا أدري لماذا لم يضع لها إسم .. والقصيدة جعلها الشاعر مقاطع تسع وكل مقطع فيها يعد تحفة فنية رائعة الجمال , ولوحة وجدانية مرسومة بالكلمات بعناية وجمال .. مقاطع تسع جميلة .. كل مقطع من القصيدة سهل وبسيط , لدرجة تكاد تحفظه من أول مرة .. تسع مقاطع تحمل هذا الحلم الجميل الحاضر الغائب وتنعي ما آلى إليه حال أمتنا وعالمنا العربي بكل ما فيه من مآسي وحروب .. تسع مقاطع , أو فواصل .. وكأن الشاعر يريد أن يعطي للقارئ فسحة وراحة ليستجم , كلما فرغ من لوحة من التسع , ريثما يلقف أنفاسه , من الدهشة , والجمال , ليعود من جديد , ليقرأ , ويقف , ويشاهد لوحة أخرى بديعة , ليستمتع بها أيضاً , تسع مقاطع للقصيدة , وكأني بالشاعر يريد أن يمرر لنا رسالة مفادها ان الحلم لم يزل جنيناً في رحم الغيب .. ويذكرنا بما تمر به المرأة من حمل وولادة .. في تسعة أشهر.. وكأنه يعطينا إشارة بأن مهما عانينا .. لابد من مخاض جديد .. حتماً سنفرح بتحقيق الحلم الذي سيولد من رحم الغيب الذي ينتظره الشاعر وننتظره معه بالقطع .. هذا الحلم الذي عبر عنه في المقطع السابع والذي يقول فيه معاتباً الوعد , وهو يخاطبه , وكأنه يعقل , ويعي , فيعتب عليه أنه أخلف وعده فيقول
خنتَ يا وعد وعـودكْ
حتى صرنــا من عبيدكْ
نرتجي حلمـــا سخيّـا
هل ترى نجنيه أطهرْ
وأيضاً نراه يقول في المقطع السادس من قصيدته مخاطبا صباح الحب الذي طال إنتظاره ويطلب منه أن يقبل " وشفاه الفجر قبّلْ " ثم يخاطب الحب أن يعطينا قلباً بدل القلب الذي ملئ بالضغينة والبغضاء وهو يقصد بالقلب هنا قلب بني البشر في هذا الزمن الذي يكاد يكون قلب فقد كثيرا من مشاعره الجميلة كالرحمة والشفقة والحب , الخ , وأبدله بقلب يكاد يكون قُدَّ من صخرٍ , ومُلئ بالمشاعر السلبية المدمرة , لذا نجد الشاعر يطلب من الحب قلباً أخر غير هذا القلب الذي امتلأ قسوة وغلظة وفظاظة فقال
يا صباحَ الحبِّ أَقْــبِلْ
وشــفاه الفَجْــرِ قَـــبّلْ
أعطنا يا حبّ قلبــا
يدفن الحزن ويكــبرْ
والولادة لهذا الحلم الذي ننتظره مع الشاعر " حلم الحرية " حلم الربيع العربي الأخضر , الذي لم يكتمل بعد ولادته, والذي تكلم عنه ووصفه بأنه جاء أبتر في أخر المقطع الخامس وكأنه يريد أن يقول لنا شيء ما .. ربما أراد أن يوصل لنا رسالة واضحة , مفادها أن الربيع حتما سيلد زهوراً لها شذي وعبير ولون أخضراً جميل ــ فـ لله َدرُّك يا شاعر ــ أخذتنا لعالمك الجميل الذي تحلم به , وتشتهيه , ونحن ندعو كما تقول في المقطع الثامن ...
نشتهي لو أنّـا نخــلدْ
ندعــو للــه ونســجدْ
أن يــردّ الضـــيم عنّــا
ويجازي مــن تَــجبّرْ
ثم نلاحظ أن هذه الفقرات .. التسع .. كل فقرة فيها عبارة عن بيتين إثنين .. وكل فقرة فيها تحمل الكثير من القيم , والمعاني الجمالية, والصور المنمقة , البليغة , ما يجعلها تحتاج لدارس كما قلت آنفاً أو متخصص , ليفرد لها الصفحات الطوال , كي يوضح مواطن الجمال , والقوة .. من لغة رصينة وبلاغة رائعة متمكنة , وصور بديعة , وعلي سبيل المثال لا الحصر لو نظرنا إلي قول الشاعر في المقطع الخامس حيث يقول ويتحدث عن البلاد والتي أزعم أن الشاعر يقصد بتلك البلاد " بلاد العرب جميعا " ومن ثَمّ نراه ينعتها ويصفها بأنها " بلاد الحب ".. ولما لا وهي من هي لو تحدثنا عنها لطال المقال بنا , يكفي أنها بلاد الأنبياء والمرسلين , ومهبط وحي رب العالمين , ثم هي بلاد زاخرة بالجمال , وغنية بموارد ها , وذات طبيعة ساحرة , وأيضاً هي مسقط رأس الشاعر , صاحب القصيدة الجميلة هذه .. ثم بعد ما يصف هذه البلاد بالحب , وهي كناية علي أن هذه البلاد بلاد حب .. وكما نعلم أن البلاد ما هي إلا أرض , وسماء , ودور , وأنهار, وأشجار , وغير ذلك , إلا أن الشاعر إستطاع أن يحولها إلي بلاد للحب المطلق,وهو محق في ذلك, ولكن مع ذلك يصدمنا الشاعر بالحقيقة الموجعة المؤلمة ,إلا وهي أن هذه البلاد صرنا فيها نجرع الصبر .. ولم يفصح من أي شيء نجرع الصبر , وترك ذلك للقارئ الحصيف ليعرف مما صرنا نجرع الصبر فحال بلادنا لا يخفي علي أحد , واكتفي الشاعر هنا بالتلميح دون التصريح , إعتماداً علي حسّ وإدراك القارئ , وهذا فيه من الفصاحة والبلاغة والبيان ما فيه , واحترام عقل القارئ , والمتلقي , ثم وفي البيت الثاني يقول .." نشتهي الورد نديّا" .. فهو يتطلع إلي العودة إلي ما كنا , وكانت البلاد عليه, من الرجوع إلي حالة الحب , التي كانت عليها البلاد , والتي أتت بوادرها وبشائرها في الربيع العربي , الذي تحدث عنه في عجز البيت الثاني لهذه الفقرة حيث وصفه بأنه وللأسف الشديد " جاء ابتر" أي مقطوع فتحدث بإسم كل من يتوق لهذا , وأتى بالضمير الجمعي , ليقول لنا ليتنا نعود كما كنا بلاد حب , وسلام , ووئام , ورَمَز لهذا ب " الورد النديّا " الصابح الجميل الذي تهفوا إليه كل النفوس السوية التي تنشد الحب والسلام والأمن والأمان فيقول في المقطع الخامس ..
فـي بلاد الحب صرنا
نجـرع الصبْـرَ وبِـتْنا
نشتهي الورد نديّا
في ربيــعٍ جاء أبتــرْ
فإذا انتقلنا إلي المقطع الأخير في القصيدة نري شاعرنا ينادي عطر الأيام الخوالي حتى تعود إليه , وكأنه يسترجع الذكريات الجميلة من الطفولة والصبا وأيام الشباب , المملوء بالنشاط , والحيوية , والحب أيضاً , نراه يناديها حتى تـ "نثر عطر القصيدِ " وحتى " ليصير الحكىُ وردا " و " يكتب التاريخ أخضر " ونحن لا نجد أنفسنا إلا مع الشاعر ننادي ونتمنى كما تمنى أن تعود الأيام الخوالي الحلوة الجميلة , بحكيها الجميل ونقول مع الشاعر في المقطع التاسع ... والأخير
يا شــذى الأيــام عودي
وانثـــري عطر القصــيـدِ
ليـصـير الحــكيُ وردا
يكتب التاريخ أخضــرْ
تلك هي انطباعاتي علي القصيدة .. وما استطعت أن أصل إليه وهو جهد متواضع أمام عمل كهذا , فليسامحني القارئ , والشاعر أيضا علي تقصيري , وفي النهاية نقول للشاعر شكر لك علي ما أبدعت , وأمتعت .

3/ 12 / 2017


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق