أبحث عن موضوع

الخميس، 8 مارس 2018

رئتي الثالثة ...................بقلم : أدهام نمر حريز // العراق



قد يرحل المبدعون عن عالمنا هذا نحو عالم أخر , وتغيب عنا ملامح و تقاسيم كيانهم المادي .
لكن يبقى ذلك الاثر الجميل الذي خلفوه ورائهم قائما يتنفس و يعيش بيننا .
وخصوصا اذا كان الابداع باكثر من طريقة و حالة و شكل , فعندما يكون شعراً و رسماً و انسانية , سيكون كجهات الارض الاربعة , تحيط بنا من كل جانب .
السيرة الذاتية .
:::::::::::::::::::
سبتي جمعة ذياب الهيتي / سبتي الهيتي .
مواليد / الانبار- هيت 1940 .
حاصل على شهادة البكالوريوس في القانون من الجامعة المستنصرية - بغداد‏ 1975 .
عضو نقابة المحامين في العراق‏ .
عضو الاتحاد العام للأدباء الكتاب في العراق‏ .
عضو نقابة الــفـنــــانـــــيـــــــــــن العراقيين .
عضو جمعية الفنانين التشكيليين العراقية.
نشرت له قصائد في العديد من الصحف العراقية .
أقام المعرض الشخصي الأول عام 1969‏.
المعرض الشخصي الثاني مشتركاً مع الفنان مولود ريحان عام 1970‏ .
شارك في الكثير من المعارض الدولية و المحلية .
مشاركة في معرض نقابة المعلمين عام 1975‏ .
مشاركة في معرض الشهيد - جمعية الفنانين التشكيليين عام 1981‏ .
مشاركة في معرض تموز للفن العراقي المعاصر عام 1985‏ .
المعرض الشخصي الثالث قاعة الرواق عام 1990‏ .
مشاركة في معرض الفن العراقي المعاصر عام 1990 -2004‏ .
مشاركة في معرض الصليب الاحمر عام 2002وحصوله على جائزة تقديرية‏ .
مشاركة في معرض الحزب الشيوعي عام 2004 - 2008‏ .
مشاركة في ملتقى السياب في البصرة عام 2006‏ .
أقام معرض أوجاع السياب في دمشق برعاية وزير الثقافة السوري 2006‏ .
أقام معرض نواعير الفرات في مدينة حماه برعاية وزير الثقافة السوري 2006‏
أقام معرض بعنوان ( ألوان عراقية ) في حمص عام 2007‏ .
معرض ( ألوان من الفرات ) في دير الزور 2008‏ .
ومن مؤلفاته الشعرية .
::::::::::::::::::::::::::::
الديوان الشعري الأول بعنوان (( أوراق مسافر )) , صدر عن دار الشؤون الثقافية العراقية تضمن قصائد مرحلة الستينيات .
ديوان المراثي بعنوان (( ذاكرة الخلود )) , صدر عن دار آراس للطباعة والنشر .
ديوان (ملصقات على أبواب المدينة) عن دار الينابيع – دمشق
ديوان (مزامير ديموزا) عن دار أمل الجديدة - دمشق .
صدرت له رواية "الطريق الصعب" عن دار الزاوية – دمشق .
الشعر أيها الأصدقاء أصبح رئتي الثالثة ...
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
من مقالة بعنوان ( الشعر في حياتي ) نشرت للمرحوم سبتي الهيتي , اقتبست مقولته ( الشعر أيها الأصدقاء أصبح رئتي الثالثة ) , والتي بين فيها اهمية الشعر عنده .
(أتنفس منها حين يضيق بي نفسي , فتضيف بي نفس , فارد قول الطغرائي : أعلل النفس أو قول فيلسوف المعرة : عللاني فان بيض الأماني .
فالشعر ليس الكلام الموزون كما قالت كما قالت العرب فحسب بل هو الكلام العسل الطيب الصادر من القلب .. وليس أحلى من الكلام حتى العسل ومادام العسل يختلف طيبه باختلاف مكان إنتاجه وهو مكان تربية نحلهِ , ونوع غذائه .
فالشعر مثله يختلف باختلاف مكان نشأة وتربية الشاعر , ونوع ثقافته ومقدار علمه ووعيه وذوقه ومقدرته على التفكير وعلى التحسس والاستقراء واستلهام وميض الجمال والحكمة في لغة الشعر الذي يكتبه ) .
وبعد ان بين اهمية الشعر عنده , اشار الى نقطة اخرى وهي ارتباطة بمدينته التي يحبها بعد ان اختصر فيها كل مفردات الوطن .
( وبالنسبة لمحدثكم ,
فقد كانت ولادتي ونشأتي في مدينة هيت / بمحافظة الانبار وهي مدينة عريقة في القدم , وحاضرة جميلة , وبحكم وقوعها على ضفة الفرات فقد ازدهرت فيها بساتين النخيل والكروم , وازدانت شواطيها بالخضرة والألوان ودواليها بالنواعير التي استخدمها الإنسان العراقي الأول لكي يطوع بها ماء النهر ويجبره على الصعود على ارتفاع اثني عشر متراً ليجري في سواقيه بين البساتين ويروي عطش التين والتوت وظمأ الرمان والزيتون .
مدينة ما تذوقت أطيب من زادها , ولا شربت أعذب من مائها , ولا تنسمت أرق من هوائها , وما تباهيت حتى اليوم إلا بأهلها , وناسها ) .
ثم اكمل تعريفه عن نفسة ومدى تاثير البيئة التي نشأ بها , ومدى تأثيرها على اسلوبه الشعري , حيث كانت قصائدة غارقة في الوجدانية و تاثيراتها في ايقاع القصيدة .
( ولدت فيها وفي بيت وديع .. كان كلٌ أهله يحبون الصلاة على النبي وآله الطيبين .. وكانوا يحبون التمجيد بذكره والقصيد ... وأكثرهم كان عمي المعروف بالحاج علي ذياب ذلك المولع بإحياء الأذكار . وإنشاد القصائد الجميلة والمدائح النبوية ...
يجتمع عنه أصحابه من العشاق المحاميد أيام الخميس يتوسطهم أيام الشتاء موقد النار ويبدؤون بعد صلاة العشاء حلقة الذكر وبأيديهم الدفوف ينقرون عليها وينشدون أجمل أشعار المديح ,
وكنت يومها في السابعة من عمري . اجلس بالقرب منهم لاستمع إليهم , وانظر كيف تنود رؤوسهم , ويغمضون أعينهم ويرددون من قصيدة البوصيري :
أمـن تـذكر جيـران بـذي سلم مزجت دمعاً جرى من مقلة بدم
يا لائمي في هواه وأهوى قدر لو شفك الوجد لـم تعذل ولم تلـم
أو ينشدون قصيدة من الفارض قوله :
سائق الاضعان يطوي البيد طي منعم عرج على كثبان طي
وتـرفــق واروي عنـي خـبراً عـلهـم يــذكروا شوقـاً إلـي
وكنت أردد ما يقولون بصمت , وأحاول أن أقلدهم في حركاتهم لأنني كنت استحسن تلك الألحان التي اسمعها منهم وأحبها لا سيما قصيدهم حين ينشدون بلحن جميل :
للعاشق في الهوى دلائل لا يسمع من كلام عاذل
وهذه قصيدة معروفة سبق للمغني المرحوم ناظم الغزالي أن أداها بلحنها القديم الذي ينسب كما يقال للملا عثمان الموصلي :
يامن لعبت به شمول ما أعذب هـــذه الشمائل
نشوان يهـزه دلال كالغصن مع النسيم مائل
لا يمكنه الكلام , لـكن قـد حمـل قلبـه رسائـل ) .
مدينة هيت في قصائد الشاعر سبتي الهيتي ...
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
يا هيتُ يا جنّةَ الأنبارِ راجعةً روحي لأرضكِ طالَ الدرب أمْ قَصُرا
كان هذا البيت من الشعر عنواناً لآخر معرض تشكيلي أقامه في المعرض اللوحات للمركز الثقافي البغدادي بتاريخ 27/3/2015 وضم ثمانية وستون لوحة زيتية مستقاة موضوعاتها من تراث هيت ومعالمها الجميلة .
ثم غازل مدينته هيت كما يغازل الحبيب حبيبته , ليتضح من خلال قصيدته اسلوبة الشعري الجميل وهو يلامس الاحساس بدفء حرفه الجميل .
مسحت دمعة عيني كي أراكِ بهــا
وأبصر الشمس في شاطيك والقمرا
واشهد الحسن مســكوبا بـطيبتــه
من راحتــيك ومنه الطير قد سكـــرا
يا هيت يا ديـرة الناعـور راجـعة
روحي لأرضكِ طال الدرب أم قصــرا
ثم يتغنى برمز مدينة هيت و يجعله ثيمة في عتبة النص و العنوان .
يا هيت يا ديـرة النـاعـور
ما للنواعير قد أضحت منازلها
كما الثوايا بوادٍ غير مسكونِ
هل طالها الجوع فأعتلت قوائمها
أمْ نالها غدر أيلول وتشرين ؟
أم عافها الماء ، أو ضاق الفرات بها
أم هدّها عطش الزيتون والتينِ ؟
في القلب صورتها لليوم ما برحت
تأتي على البال بين الحين والحين
وفي فؤادي من أنغامها أثرٌ
يفيض بالسحر في شعري وتلويني
ألفتها والهوى عذبٌ على شفتي
لم يزر بالعهد بل أزرى بستّيني
ما كان عندي أحلى من تأملها
إلا التأمل بين الكاف والنون
" قندي" وهل ذرفت بالأمس نائحة
دمعاً ، كما ذرفت في حب مجنون
تزهين عالشط بين النخل يسكره
ضوع النسائم من ورد البساتين
دوارة ما أشتكت سقماً ولا تعباً
أكفها من معين غير مكنون
ينساب من راحتيها الماء منسكباً
للضامئات الخزامى غير مكنون
فتسمع النفس من أنّاتها نغماً
أشجى وعينيك من أنّأت محزون
كأنَّ مزمار داودٍ بها علقت
ذراته من شميم الماء والطين
يا هيت ، يا ديرة الناعور يحزنني
إذا ذكرتك أصداء الطواحين
ان الحس الجمالي هو الحكم الفصل في الكشف عن ابداع الشاعر في صياغته الشعرية ومخزون قريحته النابضة .
ان غاية المبدع هو ان يصل بنصه أقصى درجات الجمالية في الصياغة والتعبير .
وهذا مالمسناه في هذه القصيدة للشاعر سبتي الهيتي .
رســــــالــــة الــــــــــــــى الــــــوطــــــن ...
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
في قصيدته (رســــــالــــة الــــــــــــــى الــــــوطــــــن ) تجلت موهبته الشعرية وهو يخاطب عشقة الكبير , ويخوض غمار هواجسه
متى من هول يومك تستفيق
وتنهض ايها الجسد الغريق
لتلحق بالشموس وقد تسامت
مخافة ان تضيع بك الطريق
فقد شمتَ العدو بك ازدراء
وخيّب ظنه فيك الصديق
سنين قد مضين وانت ملقى
ومنا ينزف الجرح العميق
وتلك جراح اهلك ماضيات
وامضاهن ما جرح العقوق
وابلغهن يوم دُفنت حيا
فشب بكل ناحية حريق
وغابت فيك شمس اللهِ دهرا
فلم يدرك مطالعها الشروق
خراب والعواصف فيك تترى
وارتال الجراد بها تسوق
لتوقظ فتنة ما كان يوما
عراقي لما نزعت يتوق
ليمسي الطين في الطرقات حقدا
يهجر او يقتل او يعيق
ويحصد كل زاهرة بروض
وغصناً قد عفت عنه الحروق
وبات على اخيه يزيد ظلما
اخو ظعة ليكسب ما يليق
فيعلي نفسه بيديه كي ما
يفوق به عليه ولا يفوق
وتُمتَحن المصائب والرزايا
بشعب لم تفرقه الفروق
ابى ان يستكين لها فيغدوا
اقاليما باهلهيا تضيق
فكم عظم المصاب وكم تمادى
وكم جفت من الظما العروق
فلا خلق الرجال بك استقامت
ولا سلمت من السلب الحقوق
ولا قنعت طماعية بسحت
ولا عدمت مضاجعها مشوق
ولا عن ام عوف غاب نجم
ولا عدم الصبوح ولا الغبوق
واقمار العراق تسام خسفا
بليلك حين يستشري الفسوق
تصابر والجراح بها تمادت
وقد امست تطيق ولا تطيق
وغيب صوتها في الحق اهل
واكثرهم و إن حرصوا رقيق
(رقيق للاجانب هم ولكن
على ابناء جلدتهم فريق)
سلاماً يا نخيل فما ادلهمت
ولا يبست بكفيك العذوق
ان البناء النص بهذا الشكل من الحس الجمالي هو احد اهم المؤثرات التفاعلية الجاذبة التي تستقطب القراء إلى فضاء النص الشعري .
التي يضيف لها دلالات النص و طبيعة اتجاها اهمية اخرى , ان الوطن هو القيمة العليا للافراد كلهم .
ان التغني بامجاد الوطن و همومه و قضاياه متاحة للجميع , و يتحدث بها الجميع , ولكن ليس كما يصوغها الشاعر , وايضا ليس كل الشعراء متساوين بطريقة التعبير , فلكل منهم ادوات ابداعه .
ان قيمة جمالية الكلمة في بنية القصيدة تعتمد على درجة حساسية الشاعر،وموهبته في تشكيل الصور الشعرية في ذهن المتلقي , باستخدام الوصف و الانزياح وما الى ذلك من ادوات الابداع للشاعر , حيث يكون للكلمة وقعها الخاص،وأثرها الفني الجمالي المميز.
بغداد 2017/12/30

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق