سيقان متناسقة جميلة رصت في قوارير كبيرة ملأ بها الرصيف، فَحَملتْ على أجنابها أوراقاً متدلية تزهو باخضرار لامع، تحتضن سور قصرٍ من الخارج، ومن داخل السور أشجار باسقة بأغصان مورقة تعلو الجدار، وتحتها زرع الياسمين والقرنفل والجوري، زهورٌ تنثرُ الألوان وعطر الربيع، ومصابيح ملونة علقت حول السور تزين المكان، لوحة لروضة أحلام تخلب الألباب وتبهج النظر، وأما في وسط الحديقة كان الثيل يملأ الأرض باخضراره البديع، رسمت الجنة سحر ألوانها على الأرض، وأصبحت الحديقة مسكناً وموطناً للطيور والفراشات، خجلاً تنحني الزهور احترام لجمال أميرتها، وكرماً تنشد البلابل لحن الصباح الجميل بقدومها، وحباً تلون الفراشات السماء بأجنحتها، وتجمع الزهور أوراقها الملونة النظرة المملوءة بعبق العطور، ويتبرع الطاووس ببعض الريش، لينسج منهما الربيع تاجاً بخيوط من أغضان الشجر ويشبكه بشعر الأميرة الذهبي. بساقة القمر،* تختبئ خيوط الشمس أمامها، تمرح سعيدة القلب وتتألق بروح العطاء متأنقة بجلباب القمر في موطن الجمال، تقبل الزهور وتحضن أغصان شجر، تغرد مع الكروان فيمتزج حبها بأسرار ربانية، أميرة احلام موطنها جنة من نسيج الواقع. وشاء القدر ليجعل من الحب حكاية. فارس وأمير عاشق فوق الباسقة* يتنزه قطف الأميرة من مملكتها وجنتها، ليعبر حدود الافق ويمتلك قلبها، دخلت حياته عاشقة تستنشق الحب والجمال بين أحضانه، وأثمرت حياتها عن طفل ملأ عيونها بنور حب جديد، وأنشأ لها الفارس فردوساً من نور الجنان والعشق تهيم بها بين لحظات ربيعها السرمدي وذكريات احلام الصبا. ودامت حياتها طويلا وهي اميرة بين جنان العشق وخيال الطبيعة.
*(بُساقَةُ القَمَر) حَجَرٌ أَبيضَ صَافٍ يَتَلألأ
*(الباسقة) السحابة البيضاءُ الصافيةُ اللون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق