بادَرَني مُحدِّثي، بهذه القنبلة، فقلتُ له: هل تسأل؟! قال: بل أُقرِّر أن العذابَ امرأة. راجعته: أحياناً؟! قال: بل دائماً وأبداً. سألته: لماذا؟! لأن التاريخَ شاهِدٌ على تعذيبها للرجل، والجغرافيا، حتى الشِّعر، الذي صدَّعتنا به، وصدَّعنا به غيرك، يُقرِّرُ هذه الحقيقة...!
واسترسَل، باستِفهامٍ استِنكاري: ألم تُعذِّبْ ليلى مجنونها، وعبلة عنترة بن شداد، وعزة كُـثيرها، وبثينة جميلها، وحتى في الغرب: أنطونيو وكليوباترا، وروميو وجولييت، وغيرهم مِمَّن عُذبوا بسببها، وهامَ بعضُهم على وجوههم، وأُصيب البعضُ الآخر بِــمَسٍّ من الجنون، والبقية تأتي؟!
حاولتُ تهدئته، مؤكداً له أن كل هذا العذاب، لأن هناك أسباباً حالت دون ارتباطه بها، وهي أيضاً عانت الأمرين، وحاولَتْ، مُخلِصةً، تخليصَه من هذا العذاب، بل ونفسها قبله، لكنها لا حول لها ولا قوة، وأحياناً لا حيلةَ لها، مع أبٍ اختارَ لها غيــرَ مَنْ أحبَّت، أو مَـنْ أحبَّ هو مالَه، أو جاهَه، أو سلطانَه، وهذا هو الواقِع الْـمُــر، للأسفِ الشديد، في مُعظمِ الحالات، فهل العذابُ امرأة؟!
العذابُ ليس امرأة، ولن يكونَ رجلاً، ولولا آدم ما كانت حواء، ولولا حواء ما كنا جميعاً، لأن الحياةَ أُمٌّ وأب، أو العكس، ولن نختلِفَ على الترتيب، مهما اختلَفنا على مَـنْ السبب في العذاب، بقدر اتفاقِنا على وسيلةٍ للتخلُّصِ منه، كغايةٍ كانت، ومازالت، وستظل، تؤرِّق الجميع، بدلاً من رجلٍ يقولُ إن العذابَ امرأة، وامرأةٍ تؤكِّــدُ أن العذابَ رجل، ومازالت رِحلةُ العذابِ مُستمرة، فإلى متى؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق