أبحث عن موضوع

الخميس، 30 يونيو 2016

الكاذبُ النبيلُ ( قصة. قصيرة ) .......... بقلم : مجيد الزبيدي // العراق



 

كلّما صادفها في الطريق، لمْ تستطع كبحَ جماحِ نفسها من التطلّعِ في وجهه المبتسم دائما . هو من جانبه لم ينزلْ عينيه اللامعتين ،مهما طال التقاء نظراتهما . بهرتها شخصيتُه ،وطولُه الفارعُ ،ومشيتُه الهادئةُ المهيبةُ، برغم أن عمرَه يكاد أن يكون ضعفَ عمرها....
كم حسدتْ في سرّها زوجتَه جارتهَم ،والتي لم تنجبْ له . آه لو كان من نصيبها لَغَدَتْ أسعدَ امرأة في الدنيا ،و لملأتْ بيتَه أولادا...في آخر مَرّة صادفها ، كانت ذاهبة لعملها . حاولتْ أن تثيرَ اهتمامَه، اكتفى بالتقاء نظراتهما وبالابتسامة الهادئة التي لا تفارقه ،ومضى في سبيله...
عصرَ اليوم التالي تفاجأت بزوجته ،في زيارة غريبة هي الأولى لها رغم الجيرة الطويلة... بعد كأس الليمون ، انهمرتْ عينا الجارة بالدموع .راحتْ تندب حظَّها العاثرَ وقسمتَها التي حرمتها من الذّرية بسبب اقترانها برجل عقيم ، شرس الطباع ، جعل من حياتها نكدا وجرّعها كأسَ المهانة بسبب شعوره بالنقص. كتمتْ بكفّيها صرخةً ذهول ،كادت ان تفلتَ من فيها . المنظر لا يخبر عن الجوهر مع الأسف.
حين عادتْ الزوجة كان هو بانتظارها بلهفةٍ وبابتسامته الجميلة.
- لم استطع ان أمسك دموعي وأنا أمثِّل أمامها دور المرأة المظلومة، زوجي الحبيب..
ضحك :
- آه ...لو تدري، انتِ العقيمُ لا أنا ،لما استطعتُ فكاكاً من ملاحقاتِ عينيها اليوميّة لي أبدا...أحسنتِ التمثيل ، وأنا أجدت الكذبة النبيلة .
صباحا صادفته في طريقها. تعجّبت من غفلتها ..كان وجهه مكفهرا ،لامسحة جمال فيه ،ابتسامته بدتْ وكأنها ابتسامة أبلهٍ ،خطواته متعثرة ،طوله قَصُر َ، يبدو قميئا؛ أشاحتْ بوجهها عنه، ومضتْ الى عملها .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق