وقفَ الزمانُ وحــارتِ الأبصــارُ
لمـــا تبَـدّى فـي الظــلامِ نهـــارُ
وتبســـم الفجـر المولـه مُخفيـــا ً
خبـــراً فـريــداً دونــه الأخـبـــار
وبدا الصباحُ على الخليقـةِ سيـداً
فــاهتـزَّ عـرشٌ وانتشـتْ أوتـارُ
مــا بـالُ مكـــةَ عانقتهــا نشــوة ٌ
وبـدتْ عليهـــا فرحــةٌ وفخـــار
ضحِك الوجود وزفََّ بشرى مولـدٍ
شَرُفَتْ بـــه فـي الكائنــاتِ نــزارُ
وُلِد الهدى والنـور كـان محمـداً
بصفاتــهِ قـــد جــادَتِ الأقــــدار
وتنزّلـت فـي يـومِ موْلـــده كمــا
شـاءَ الإلـهُ مـن الســمـا أنـوار
فأضاءت الدنيا وأشرق في الدُّجـى
فجـــرٌ جديـــدٌ مُنـصـفٌ هــــدّار
وغـدا يتيمـــا والسـمـاء تـقــوده
وتحيـــرت فـي أمـره الأفـكـار
وبـدتْ أمانتـهُ وصـدقُ حديثـــه
بيـن الجمـوع يقــوده الإصـرار
واختارَ ربُّ النـاسِ سيـدَ هاشـم
لعظيـــم أمــرٍ مــــا لــه تِّـكـــرار
فدعا العباد الى الفضائلِ والتُّقى
ولخيْـرِ مـا حَمَلَـتْ بِهـا الأســفار
ودعا لتحريرِ النفوسِ من الهوى
وســخافـةٍ طُبِعـتْ بهــا الأفـكـار
ولِهجـــرِ أوثـانٍ ملكْـنَ مـنـــازلاً
وعقـــولُ قـومٍ شـانهـا الإنـكــار
فأبتْ قريشُ ومـا أجابـك مسلمـا
إلا قلـيـــلٌ .. عزمُـهُـــم جـبــار
وتكالبتْ في وجْهِ دعوتـكَ الجمو
عُ وقد عَمتْ فـي قلبهـا الأبصـار
ولقيتَ من عَنَـت القبائـل منكـراً
وأذى يُـؤَلّـبُ نَبـضَـــهُ الكُـفّـــار
فـأتـاكَ نصــرُ الله كيـف تُـريـــدُه
هُـوَ ذا البـراقُ يقـودُه المُختـــار
للمسجدِ الأقصى يَشُـقُّ طريقَــه
فـإذا الوجـــودُ تحفُّــهُ الأنـــوار
وإذا الفضاءُ وقـد ترجَّـلَ راكعاً
حشـــدٌ مُهـــابٌ صـفـوةٌ أخـيـار
والأنبياء دعوْك , كنتَ إمامَهــم
والقـدسُ عاشقـةٌ لهـا اســتئثـار
وعَـرجْتَ منهـا للسّماءِ مرافقـاً
جبريـلَ , تُفتـحُ دونَـكَ الأسـرار
هذي فلسطين الكرامةُ قد غَـدت
تحتَ الظَّـلامِ يسومُهـا الأشــرار
والقدسُ , يا وطناً تمـزَّقَ شملُـهُ
وتـلوَّنـت فـي حلقـــه الأخـطـار
والمسـجد الاقصـى يئِـنُّ مُكبَّــلاً
والأرض ألجَمهـا الأذى والعـار
والأهلُ , أين الأهلُ أين جموعُهم؟
هل هانَ مسرى من لـهُ الإكبار؟
يــا ســيـدي ناديـتَ تحيـي أُمــةً
دهمـــاءَ مـزَّق جمعَهـا الفُـجّــار
فجعلْتَ منها فـي المدينـةِ دولــةً
دانـتْ لهـا الأعنـاقُ والأحــرار
وسَـمـتْ بسيـف الله ترفـعُ رايـة
فــي ظلِّـهـــا تتنـاســـقِ الأدوار
وبها تسـاوى المسـلمونَ كأنهـم
أســنـان مشــطٍ زانـهم إيـثـــــار
وتحطَّمت كـل القيودِ وأصبحـوا
درعـاً تهـونُ أمامَـه الأخـطـــار
وغــــدا نبـيُّ الله فـي أصحـابــه
شــمْسـاَ تُحلِّـق حولهــا الأقمــار
فأصابَ من تَبِـع الحبيبَ محمَّـداً
خيـــرٌ كثـيـرٌ ّ جـنَّـــةٌ وفَـخــــار
ومن ارتضى دربَ الجحود فقد هَوى
في ظلْمـةٍ تشــقـى بهــا الأعمـار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق