كُوّمت الجثث بعضها فوق البعض على الرصيف ثلاثة شباب الرابع العقد الخامس من عمره، زوجها واولادها طّوح بهم رصاص طائش، جففت عينيها جلست على دكة باب دارها، متكئة بكوعها الأيسر كفها اليمين تحت ذقنها، راحت شهقاتها المختنقة تهز صدرها، فجأة اتجهت إلى مقبرة القرية، تصيح صرخات تسمع في أرجاء القرية، يُرَددها معها الجبل الشامخ، الرابض بكبرياء ووقار على تخوم القرية، تولول وتنتحب غابت الدموع من عينيها، نظرة اخيرة يداها وساقاها ترتجفان، خرجت من المقبرة إلى السهل التفّتْ حول القرية، تخيرت الصعود إلى قمة الطريق المنحدر، جلست تحت شجرة كبيرة شامخة، مع شموخ الجبل وواثقة بثبات وجودها، انفجر نحيبها المستمر منذ بدأت محنتها في زفرات عنيفة، كزفرات الباكيات بالجنازات، تجري باتجاه الهوة وشالها الأسود يتطاير خلفها، الشمس على وشك المغيب، تهرب من وحدتها القادمة غدر أهل القرية أيامها حين تصبح عجوزاً مهملةً، تحرك حجر تحت قدميها تدحرج ليسقط في عمق الهوة، كأنه كان يريها الطريق، سقطت المرأة في الهوة مع الغروب.
14/10/2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق