يشفّ المساء على غير عادة ... تتهاطل الشّهب في جوف المجرّة تلاحق ظلّا حوله يشتدّ القصف من الجهات الأربع وهو في كلّ مرّة يتلوّى ، يتكوّر ثمّ ينهض من جديد...كالقطط بسبعة أرواح لا موت ولا زوال...عند المنتصف يشرئبّ البصر ، يتوقّف النّظر وقد أدهشته الصّورة ...كوّة بحجم الرّجاء تنفتح رويدا ...منها يتدلّى تابوت أسود ، على جانبه الأيمن كتب بحروف ناصعة البياض ...هنا تنتهي الأزمة...آخر محطّة تدبّ فيها الفوضى وتهدر الأحلام.
في غمرة الدّهشة يشتدّ هطل الشّهب ...عاصفة ، طوفان يهدر رجما، في التّابوت ينهمر وجوف المجرّة من خلفه يشتدّ وضوحا وصفاء....مرآة في عمقها تنعكس لوحة مذهلة...سواقي تتوسّط المساحة الخضراء...على شاطئيها تتعانق ورود مشكّلة الألوان ...هنا يطنّ نحل...هناك يرفّ فراش...من بعيد يتهادى صدح ، زقزقة كما سرب العصافير تتماهي مع خرير المياه ، تلج السّمع سيمفونية ماتعة.
ظلّ البصر يركض...يتقصّى ، يلاحق لوحات الجمال والنّجوم تنير طريقه بقناديل ساحرة تبهر الأنفاس وتثمل الرّوح...عند منبع السّاقية حجر كما الكرسي يغري بالاستراحة والرّغبة الجامحة تتمطّى ...مزيد من المعاينة، مزيد من الانتشاء والسعادة .
في الجانب الآخر مشهد ضبابي يتوضّح رويدا ..." طفل يمتطي جوادا خشبيّا ، ويتطلّع إلى الأفق "حذوه شيخ وقور يستقبل القِبلة بيده اليمنى مشعل وباليسرى غصن زيتون ، بين الحين والأخر يلتفت إلى الصّغير وعلى شفتيه ابتسامة خفيفة ثمّ تتوالى تمتمات تضيع في الخرير والزقزقة لتعود صدى جليّا...الحقّ يعلو ولا يُعلى عليه...من أجلك أمّنا نستميت، أنتِ الخير ونحن حصاد البِرّ ...تبقين عالما عامرا، أنتِ أرض الطّهر والحقّ ونحن روافدك الصّافية.
25 /11 /2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق