أبحث عن موضوع

الخميس، 8 سبتمبر 2016

لوحة جنة الفراديس / للفنانة التشكيلية خيرة مباركي واضاءة في عيون الانتظار .................. استقراء إنعام كمونة // العراق



لوحة جنة الفراديس / للفنانة التشكيلية خيرة مباركي

اضاءة في عيون الانتظار / استقراء إنعام كمونة
الرسّامة. : خيرة مباركي
اللوحة. : جنون الفراديس
التقنية. : زيتية على القماش
الرسم نبضات ملونة لنص فني .. رقص ثنائي بين فكرة الخيال و أنامل اللمسات .. بريشة راقصة على نغم الالوان وايقاع موهبة فطرية تصقل بمثابرة ودراسة وتطبيق تتحول لخبرة عالية وجدارة مهنية رائعة .. والفن بانواعه يكثف الآحساس بالراحة والبهجة حين تذوق .
تختلف قراءة اللوحة من شخص لآخر ليس بالضرورة ما اراه وافسره ان يكون مطابقا لقراءة اخرى لقارئ او ناقد , هذا الاختلاف هو فن بعينه وتعدد الآراء يضفي على اللوحة ادهاشة مشوقة, منذ القدم العين اول قارئ للوحة كل ينظر بمنظاره ويتحسس باعماقه , لا يؤثر على تعدد التفسيرات بل يضيف له الكثير من الابداع والتاويل ويعطي قيمة اكثر للفن كاي نص نتذوقه كمستقرئ , وآخركمتخصص او فنان مبتدا قد اطرح رؤياي وغيري يخالفني لا ضير من ذلك وخاصة ان كانت اللوحة برموز ودلائل تشي بفكر وخيال حسب الظرف والبيئة وتاثيرها على الرؤية البصرية والفكرية للمتابع والمتلقي حيث لا تنحصر باستقراء مشابه كاي نص ادبي نستقرئ حروفه باختلاف المتلقي من اختلاف انفعالاته او حالته النفسية او درجة وعيه وتاثره بها بل تاثيرها وما تحركه من تاثرات نوعية وجاذبية ذاتية كما يعبر "دي ويت باركر" عن هذه التجربة بقوله: «لا يكفي أن تحركنا الصورة عن طريق الوجود التعويضي لشيء مثير مرسوم على اللوحة، بل يجب أن تهزنا مباشرة عن طريق مخاطبة الحس المباشر» , كل يرى شيئاً قد يكون مختلفاً .. ولكن يبقى المعنى العام لأية لوحة بمكوناتها الأساسية .
العناصر البصرية
لو نظرنا بشكل عام لروح اللوحة والتي تمثل رمزا رئيسيا لصورة فتاة في ريعان الصبا وسط طبيعة خلابة ملونة بأشجار باسقات جميلة تزينها اعشاب وورود, وخلفية بزرقة السماء المشوبة بتدرجات غامقة واضاءة حيوية باللون الأصفر ليعطي توهج ومعنى أوضح للفكرة لاكتمال الوجود رغم تغطيه الأشجار واختلاطها بالوان السماء مثلت الفضاء العام للوحة وهي رمز آخر تلونت عيوننا به .
اللون :: اللون هو رمزية معبرة في ذاكرة المتلقي يعطي دلالات عديدة حسب قوة اللون… تمازجه… تنافره … سطوعه , له تأثيره على العصب البصري تختلف من شخص لآخر , في جنة الفراديس تمازجت الألوان بربيع الدلالة وتنوع الأزهار الملونة اضفى حياة تناغم الخضرة وتدرجاتها الطبيعية الهادئة بانسجام موسيقي حي للبيئة العامة والمنعشة ببريق الألوان وتناسق بدفء وضياء تتهادى صحبة انبثاق الامل من زرقة السماء وانعكاس الضوء باللون الأبيض فلا زال التفاؤل موجود ونحن في جنة الفراديس وليس فردوس واحد , تصاهر الألوان اضفى جواً منعش السكينة ودعم الفكرة , ملابس الفتاة تمثل ايقاعا ملفت للوحة لتميز الشفافية والطويات بتدرجات نفس اللون ابداع ريشة تراقص الخيال واللون الأحمر هو الطاغي على التعبير الفني لدلالة تترجم الخيال , المحيط العابق بالعطور نتنفسه حين مرور , هدوء يدعو للتأمل والراحة الفكرية بحس داخلي للشعور تفاصيل الألوان بريشة متقنة الانسياب في فضاء القماش وخفة دوران برشاقة تقنية وعناق حميم .
الخطوط :: من خلال فواصل الأرض والسماء وتمازجهما بأبعاد فنية غاية التناسق وتناغم مع خطوط الشجر على جانبي الطريق تموجات طبيعية قريبة للإحساس بسحر النفوس , وسلاسة الحركة ما بين طبيعة الواقع مما يريح المتلقي بعمق الفكرة إضافة موقع الفتاة في وسط اللوحة تشغل الحيز الأكبر يعطي قياسية مريحة للعين ومرتكزاً فنيا تتلاءم مع ابعاد اللوحة والمضمون وتعتبر بعدا اخرا يعطي قيمة أخرى لتقنية توزيع الألوان وارتكاز موضوع اللوحة علما ان رمز الفتاة اخذ الحيز الأكبر للمنظر العام مما يدل على التركيز عليه بوجدان الفنانة والمنظر رغم احتواءه للفضاء العام بدائرة حول الفتاة كخصر تجلى بوحه الا انه بمستوى بعيد وكان الفتاة فوق ربوة او تملأ الطريق المتسرب لنهاية تفسرها ريشة الفنانة .
الرسالة البصرية ::
لوحة رُسِمت بدقة وذهنية متقدة , خيال من واقع الفنانة وبيثتها توحي بانفعالها واحساسها العميق اختارت رمز المرأة لاهتمامها بشؤونها وهي الأقرب لروحها ليؤدي غرض ما دلت عليه ولأنها المخلوق الحساس والرقيق والتي تعاني الكثير من فقدان الاحبة والقلق والانتظار الدائم , تنظر للأحداث بصبر وروية عسى ان تنقشع غيوم التشتت والغربة في واقع الحياة ومعاناة الإنسانية , قد يكون عنوان اللوحة يوحي الى انتظار الحبيب بلهفة تسارع الزمن خوفا من افتقاده فهي على موعد في مكانهم المعهود والذي يمثل الجنة بتواجدهم سويا , الا انه لم ياتي او تأخر وقد صورت الفنانة بخبرة ادوات تملكها وموهبة ربانية جسدت نظرة العينين بأسلوب فائق الروعة, تتكلم تصفح عما يجول في جوارحها وهواجسها, للعين تصوير بديع بمعاني عديدة تلك النظرة بإيحاءات وتفسيرات كثيرة , حين ننظر لخطوط العين وعمق هاجس النظرة ندركها مركز رئيسي لأحساس المعنى , وتفسر اسرار اللوحة من عمق الخلجات عيون تحدثنا بعمق حواسها وبحر أوجاعها , غريبة…! تجذب القارئ لتشكو همها نشاركها الامها ونغوص في خلجانها , رائعة هذه العينين تصرخ بصمت تبكي والدمع في المآقي ينزف انتظار ولوعة لا متناهية الشعور نرى الدمع بدلالة الترقب في المدى البعيد نظرات حالمة مسافرة عبر الزمن لعالم ما يتضمنه عمق تركيز وما يشغلها في مكوث التامل قد يكون ترجي او طلب توسل او دعاء, تحدق في متاهات الزمن على امتداد صدى المسافات هي لوعة احتراق حين شجن , شئ لم يكتمل بعد في الحياة جلسة انتظار لحبيب قادم غائب حاضر شوق ولهفة ذكريات وحسرة فراق , صورة رمزية لدلالات متعددة ترسم ماضي بنبضات الحاضر بتفاصيل ابداعها , فن الفكرة في ايصال ما توده الحروف ان تكتبه ريشة بارعة الوصف والتنقل بحرية صامتة يسكنها النبض فتنطق , فما يحيط بها هو جنة الاشتياق وامل اللقاء وامنيات تشغل قلبها وفكرها جسدتها الفنانة القديرة بالزهر والشجر والوان مفعمة بالحياة متوهجة أحلام طبيعية في حياة كل فتاة تحلم بتحقيقها في ربيع الحياة وبدلالة أخرى هو الأغتراب ووجع الرحيل لذا جسدت رحيل المرأة بجسدها بعد استشهادها واكيد يكون مكانها الجنة والفردوس الأعلى الا انها ما زالت تنظر بعين الترقب والتجلد بألم الفراق وجرح لا يطيب الا براحة الأحبة وشفاء الوطن بالتماسك يدا بيد, الفتاة تتوسط اللوحة يحيطها منظر طبيعي خلاب أشجار كأنها تعانق بعض تتهامس بحكايات الانتظار , في قممها اللون الزهري وكانه موسم التزهير اوالثمر دلالة لما كان من ذكرى جميلة , طريقة الجلوس وضم اليدين في جلسة تضم كينونة انثى اعتكافة تأمل محتضنة يديها وكأنها تخفي شيء بكفها الايسر شئ ما في حذافيرغموضها واناملها الرقيقة تبعده من رؤيا الآخرين قد تعتصر شيء من ذاكرة الوجد يدعوها للغرق في خيالها البعيد المنال تضمه بحنان وشوق من اقاصي البعاد , الصفاء والشوق في كتمان الذاكرة وتأجج النسيان بعد الفراق , اكتمال زينتها واختيارملابسها توحي يالشوق والصدق فاللون الأحمر لون حار مفعم بالحيوية وعنفوان الحب والابيض اضاف له الزهاء والنقاء يليق بانتظار حبيب غالي , واختيار القميص الأبيض يدل على صفاء ونقاء السريرة ونقش المربعات الصغيرة توحي لكنوز الانسانية وما تخفيه من اسرار بتحركات لريشة رقيقة بإحساس , دقيقة بابداع , , التنورة الشفافة والتي تاملتها الفنانة التشكيلية الرائعة خيرة مباركي برمزية هادفة لمعنى القتل المتعمد وسيل الدماء وما يدل على ذوق الفنانة وايعازها لآعماق الفكرة برقة وانوثة وانسدال الثوب بطراوة حقيقية , انحساره بشكل طبيعي خطوط طولية تدل على انسياب بشفافية حريرية تهفو لوضوح رقيق ابرقت سيقانها بلفتة راقية جمالية الصبا والشباب الذي ينبثق من وجهها وشعرها المنسدل على كتفيها في زينة جميلة , رغم الحزن المتسلل لمحياها وتعابيرالوجه والتساؤل المرسوم على محياها بأسلوب مدهش للمتمعن, استفهام يدعو للقلق وخفقان القلب فهي غير مكترثة بما يحيطها من نعيم مطلق بل مكترثة لما يحصل للأموات في الحياة , فهي في الجنة الموعودة عروس راحلة لعالم الصدق والبقاء الازلي حورية شهيدة من عصر الضجيج والفوضى الى عصر الهدوء والراحة, اللوحة خليط بين الواقعي والتعبيري والفنانة الرائعة ترسم بتنوع وغالبا ما ترسم المرأة وتحلق بنا بثنيات همومها الإنسانية من خلال ما تجيده من ادوات عالية التقنية تعابير توصلها نبضات نصوص سامقة متوهجة السمات بوركت بقصائدك المرسومة ونبضات ريشتك أستاذة خيرة مباركة تمنياتي بالتوفيق واتمنى قد اوفيت حقك في اللوحة .


هناك تعليق واحد: