أبحث عن موضوع

الجمعة، 28 يناير 2022

لكبار السّنِ فقط............. بقلم : عبدالزهرة خالد // العراق




في يومٍ مشمسٍ
توجهتُ الى نهارٍ قصيرِ القامة
حاملاً مِشكَاةً فيها مِصبَاح
أبحثُ فيه عن إنسانٍ يطابقُ كياني
صدقوني لغاية الغروب
كلّما أقبضُ على أحدهم يفرُّ مني..
قبل ألفِ سنةٍ ونيف
وُلِدتُ بجناحين على كوكبٍ
حاولتُ اختراقَ أبوابِ الفردوسِ
دونَ ان يشعرَ بي الحرّاس ،
كدتُ أن أدخلَ لولا خيانةُ الجناحين ..
في كثيرٍ من الأحيانِ
أعرفُ الوجوهَ لكن لا أتذكرُ أسماءَ أصحابها
أشعرُ إني غريبٌ وسطَ المدينةِ
كقمرٍ تائهٍ وقتَ الظهيرة لا يراني إلا الظلام ..
أيّها العصفورُ الصغيرُ
تشققت قشرةُ بيضتِكَ لأجلِ حريتك
اتوسل إليكَ هلا تمنحُ القفصَ حريته ..
تعلمتُ في الصغرِ
معنى الاحتلال … بلدٌ يحتل بلدا
عندما هرمتُ … وجدتُ
شخصاً يحتلُ المئات بل الآلاف من الاشخاص
قد يتناقصُ العددُ حسبَ قانونِ الأحوال الشخصية
هناك شخصٌ يحتلُ شخصا واحدا فقط
أرقى احتلال هو الاحتلالُ المتبادل ..
كما يقولُ أحدٌ الفلاسفةِ - نسيت اسمه - بما معناه
"الباقي من العمرِ لا يتسعُ للأصدقاء الخطأ"
أما أنا أسقطُ بدونِ جهدٍ من صديقٍ يشعرُ أنه الأصح ..
كنتُ في طفولتي
منعزلا ، مقتنعا بوحدتي
رغم إني أجلسُ في المعقدِ الخشبي الأمامي يكنى ب( ابو الاربعين )
صحبة علبة سيكاير رخيصة وعود كبريت واحد
قريبٌ جدا من وجوهِ الحسناوات وأبوابِ البنوكِ والحانات
أجاورُ حركاتِ أبطالِ الأفلام وجعجةَ السلاح ،
مشغول في عزلتي مع تفسيرِ فحوى الفلمِ وتأويل الافعال
باءت كلّ احتمالاتي بالفشل
لأن لا يمكنني محاكاة الكبار ٠٠
أضعُ كفّي على قلبي عندما أقرأ آيةَ (يونس)و(يوسف)
وأخيراً عرفتُ أن بلعومَ ( الحوت )لا يبلعُ إلا الصغار
و( الذئبُ ) هو ذئبُ الأساطير
التي يتناقلها آباؤنا كي نخافَ اللعبَ بدون رقيبٍ أمين ٠٠
في عنفوانِ أيامي
كنتُ إذا أردتَ أن أفوزَ على أحدٍ أستخدم عقلي ودهائي
اليوم لم أفلحْ بالفوزِ على أحفادي إلا بالمكرِ والخداع ..
أعتبرُ طيبتي تقلّل من شأني وكرامتي
ربّما هي نقطةُ ضعفي وسببت لي كثيرا من الاحراج
قبل شهور اتصلَ بي هاتفيا صديق مغترب حاليا
يقول " الله على أيام الشباب كنتَ ( أي أنا ) تجمعنا كالطيور
وتدارينا مثل الماي بالصينية "
ما خابَ المثل سوي زين وذبه بالشط ٠٠
تذكرتُ الأموات جميعا فهم أعزاء عندي ماتوا سريعا
لم أشبعْ من جمالهم وطيبتهم ، فنصيحتي
- يا زميلي في الشيخوخة - إذا أردتَ أن يطيلَ عمرك
فكن ثقيلاً وغيرَ محبوب ، إياكَ أن تكونَ خفيفَ الظلّ ٠٠
————————
البصرة / ٢٥-١-٢٢


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق