أبحث عن موضوع

الجمعة، 13 سبتمبر 2019

هبوط الذاكرة الاضطراري .................... بقلم : عبدالزهرة خالد // العراق





احملْ خريطةً أكبر من الوطنِ وقطعةً بيضاء يُخطُ بها الترحاب كما في بواباتِ المدن ، هذه المرة مسموحٌ المرورُ بلا تفتيش ، لا سؤال عن هويةٍ وعن صنفِ الدم ، هناك طابورٌ طويلٌ من أنفسٍ يشبه دخاناً تسوقه الرّيحُ إلى الموتِ ، في النهايةِ أحدهم يدّس نفسه في تابوتِ السكينةِ لتحمله أكفُ الغرباء ،

كما كان يفكر ويقول قبل أن يكتبَ أنني على حقٍ ،

هم سيعبرون الحواجزَ وسأكون في أمانٍ ،

ضجيج الأرواح لا يُطاق أبداً ، بل يفتعلون الصمتَ بلا إرادةٍ يطبقُ عليهم ثوبُ الليلِ البهيم الذي لا يفرق بين ضلعٍ وترقوة ،

يستغلُ جريانَ الترابِ في الأوجاعِ ويضمدُ الجروحَ الغافيةَ على طولِ الرّصاصةِ الأخيرةِ على متنِ الرحيل .

أزعج ما في الحديثِ هو الهبوط الاضطراري للشريان الأبهر على مدرجِ النفسِ الأمارة بالفرارِ من الواقعِ المرير ،

لم يبق في المشافي إلا الكلابُ الضآلة والقططُ المهجنة بفصيلةِ النمور ، يسيرُ على خطى المجهولِ في ذروةِ معرفةِ التقنياتِ الحديثة ، فاتَ على العناكبِ الكثيرُ من خيوطِ السنين ولم تدخر إلا حلقةَ الذَكرِ الأخير ليحمل نعشَ النسيجِ الجاني على اصطيادِ الطائرات الغبية ،

منْ يحفظُ ذكراهُ في علبٍ مبردةٍ خارج القبو الذي احتلته خراطيمُ آكلةِ النمل وأذنابٌ تهشُّ على دندناتِ اللّيلِ الغفيرِ في ساعةٍ متأخرةٍ من وطأةِ الحلمِ المتبقي على السريرِ الخالي من أهدابِ النوم .

كانت توسوس في بوصلةِ مدينته المهجورة لم يترك فيها غير الأرصفةِ العرجاءِ والأشجارِ مقطوعةِ الرؤوس أما البيوت يدور فيها الخوارُ ، ونملُ سليمان الأليف يأكلُ الأخضرَ واليابس وأخرسّت العصافير بفعلِ وحشةِ الفجر الذي تاهَ من نوافذِ الغرفِ المتهالكة من شخيرِ الفراغِ ما أقسى الضياء فيها عندما جعل للماءِ دموعاً تسيلُ على الحدودِ ويبتلعُ الأثرَ يؤكد على إنّ هناك من نسى حتى اسمه على منضدةِ حانةٍ تركها النادلُ الأخير بلا قدحٍ يغري النبيذَ على الوقوفِ في خاطره .

( الدراغُ )* المعلقُ في الرقابِ يستدلُ على الطريقِ ورائحةِ الاجترار تتبعُ غبارَ العودةِ وقتَ الغروبِ المذبوح بخناجر هرولةِ الحصانِ والسوط الذي سئم من ظهورٍ قاسيةٍ ترد على صولةِ الضربِ والوعيد .

لم ينسَ وصيةَ أمه حينما قالت لا تطفر السياجَ برجلين فهناك التفاح أحلى من الذنوبِ ، وأعتمدْ على منْ يحملكَ ستجد ضآلتكَ تنتظركَ في أولِ محطةِ استراحة ..




البصرة / ٩-٩-٢٠١٩

( الدراغ )* الجرس الصغير يعلق على رقاب المواشي

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏طائرة‏ و‏سماء‏‏‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق