كان لي صديقٌ فيلسوف ... بأقوال الحكماء شغوف ... سألته يوماً عن ... .. اللسان .. فقال الفيلسوف .... لقد سألت علي عظيم يا بني ... ماذا تعني يا فيلسوف .. أعني ذلك اللسان الذي هو داخل الفم , والذي هو من أخطر الأعضاء وأشدها فتكاً بالإنسان ــ إن لم يحافظ عليه ــ سخر الله له سبعة عشر عضلة تؤمن له حركته وعمله , وجعل له تجويفا بمثابة محبس له وشفتين ,, وهو الذي أوردني الموارد .. والمهالك
فيلسوف كيف تقول هذا علي نعمة من نعم الله منَّ الله بها عليك ... صدقت يا بني ولكن هذه النعمة إن لم نصنها كانت وبالاً علينا .. وكيف نصون هذه النعمة يا فيلسوف أعني نعمة اللسان حتى لا تكون وبالاً علينا ... فقال الفيلسوف يقول الله عز وجل في كتابه الكريم بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ... صدق الله العظيم
ويقول رسولنا صل الله عليه وسلم " من يضمن لي ما بين لحييه وما بين فخذيه، أضمن له الجنة " ...
وكان سيدنا أبا بكر الصديق رضي الله عنه يمسك بلسانه ويقول : هذا الذي أوردني الموارد ...... صدق رسوله الكريم , ورضي الله عن أبي بكر , وعمر , وعثمان , وعلي , وسائر الصحابة أجمعين , ... ...
ولكن قل لي يا فيلسوف .. أقول ماذا يا بني ...قل لي بربك كيف يكون اللسان من أخطر الأعضاء , وأشدها علي الإنسان .... فقال الفيلسوف
" ورد في الحديث المرفوع (عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، يَرْفَعُهُ ، قَالَ : " إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ ، فَإِنَّ الأَعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ ، تَقُولُ : اتَّقِ اللَّهَ فِينَا إِنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا ، وَإِنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا " ......
يا الله إلي هذه الدرجة يا فيلسوف ... وأكثر يا بني , وأكثر .. سأل احد الصحابة وهو سيدنا معاذ رضي الله قلت يا رسول الله , أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار , قال " لقد سألت عن أمر عظيم وإنه ليسير علي من يسره الله تعالى عليه : تعبد الله ولا تشرك به شيئاً , وتقيم الصلاة , وتؤتي الزكاة , وتصوم رمضان " ثم قال : " ألا أدلك على أبواب الخير .؟ . الصوم جنة , والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار , والصلاة الرجل في جوف الليل " ثم تلا : ( تتجافي جنوبهم عن المضاجع ) حتى بلغ )( يعملون ) , ثم قال : " ألا أدلك برأس الامر وعموده وذروة سنامه .؟ " قلت : بلى يا نبي الله ، فأخذ بلسانه فقال : " كف عليك هذا . فقلت : يا نبي الله ، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ قال : ثكلتك أمك يا معاذ ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم ؟ "
يا الله إلي هذه الدرجة وهذا الحد يا فيلسوف ... نعم يا بني .. ولذلك يقول أحدهم أنا إذا أردت أن أتكلم بكلمة نظرت هل في هذه الكلمة طاعة لله أم لا .. ويقول أخر " لسان العاقل وراء قلبه فإن أراد أن يتكلم تفكر فإن كان عليه سكت وإن كان له تكلم , ولسان الجاهل أمام قلبه فإن أراد إن يتكلم تكلم سواءً كان له أم عليه " .... زدني يا فيلسوف من حكمتك ونصحك وإرشادك ... يا بني قال رسول الله صل الله عليه وسلم المرء بأصغريه قلبه ولسانه " ويقول أيضاً .. لمَّا سأله سيدنا عقبة ابن عامر يا رسول الله ما النجاة فقال أمسك عليك لسانك .. وليسعك بيتك وابكي علي خطيئتك ويقول الشاعر
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جُعل اللسان علي الفؤاد دليلا
لذا قالوا اللسان مغرفة لما في الصدور .. وقالوا .. لسانك حصانك إن صنته صانك وان هنته هانك ...
وقيل أيضاً .. جرحات اللسان لها التأم ... وليس يلتئم ما جرح اللسان ...
يا فيلسوف ماذا نصنع إذا في هذا الأمر .. في قصتي إجابتي فاسمعها يا بني .. كلي لك أذان صاغية يا فيلسوف .. ... قال أبو بكر بن عياش " اجتمع أربعة ملوك .. ملك الهند ... وملك الصين .. وكسرى ... وقيصر ... فقال أحدهم ..: ... أنا أندم علي ما قلت ولا أندم علي ما لم أقول ... وقال أخر ... إني إذا تكلمت بكلمة ملكتني ولم أملكها وإذا لم أتكلم بها ملكتها ولم تملكني ... وقال الثالث ... عجبت للمتكلم إن رجعت عليه كلمته ضرته وان لم ترجع لم تنفعه وقال الرابع ... أنا علي رد ما لم أقل أقدر علي ما قلت ..... أرأيت يا بني ... أحسنت الرد يا فيلسوف ولكن قل لي ماذا أصنع أنا في لساني هذا ... قوَّمه , وأصلحه ,, كيف أصلحه يا فيلسوف .. هذا يتأتي بطول حبسٍ , وبالاستغفار , وبالذكرٍ , وقراءة القرآن , ومجالسة الصالحين ..وأمور أخرى كثيرة شرحها يطول.. وأنا الليلة مشغول ... وأنا لا أملك إلا أن أقول ... إلي الغد إذا يا فيلسوف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق