بغيابكَ البراحِ فارقَتني سحابةُ عطرٍ صبيبةٌ
كانت تكحِّلُ جفونَ أوقاتي الشَّاحبةَ بالرَّغدِ ، رحلتْ سفائنُ الفرحِ المحمَّلةُ بمرحِ الطفولةِ و أراجيحِ العيدِ
التي تسكنُ ضلوعي مع نوارسِ الفراقِ المرغمةِ على حفلاتِ الوداعِ إلى مدنٍ قصيَّةٍ ،لا شمسَ تذيبُ جليدها ، ولا نجمَ يضيءُ لياليها
و نما عشبُ الحزنِ في عينيَّ اللتين سوَّرتهما
أشواكُ الخيبةِ ، حين افترشتَ بذارَ صمتكَ الغني في سهولهما الفسيحةِ ، ورويتهُ تصحرَّ الأحلامِ المقددةِ بلظى البعدِ .
في جزيرةِ الوحدةِ الهدباءِ لا أدري كيفَ زارني من رياضِ الذكرى بلبلٌ طربٌ ، يحملُ بين جناحيهِ قصيدةَ خزامى تمسحُ حزني ، وباقةَ نورٍ من بيتنا الغافي على ساقيةِ الحبِّ ، أعطاني سلةً ممتلئةً بحكاياتِ جدتي و نايّاً من القصبِ لموال جدي ، أهداني شالَ دهشةٍ و وسادةَ حنانٍ من أحضانِ أمِّي ، أشجاني صوتهُ على دوحِ حزني ، و هو يعجنُ أغانيهِ بشذا الزَّهرِ الهامسِ للنّدى ، عسى مشاعري النَّائمةِ تحتَ أطباقِ الصَّقيعِ تصحو ، وتغرِّدُ صباباتُ قلبي المكبَّلةِ بأصفادِ الثَّواني ، ثوى على دوحي ، و أشجى ببوحهِ المدى ، أتراهُ نقرَ قمحَاً نديَّا من صحونِ الغدِ ؟! أَمْ شربَ من ثغركَ عذوبةَ اللقاءِ ؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق