أبحث عن موضوع

الأربعاء، 19 أبريل 2017

البحرُ ومدنُ الربابِ ................. بقلم : مرام عطية / سوريا



في مدرسةِ البحرِ تعلمتِ الغيومُ فنَ العطاء
كما تعلمَ مِنْهُ البشرُ ألوانَ الجود والسخاءِ ، كانَ البحرُ كريماً سخياً بعطائهِ ، يعطي الطبيعةَ دون أنْ تسألَ ، فحينَ رأى مدنَ الربابِ في السَّماءِ قد عطشتْ ، وأصابها قحطٌ وجفافٌ
أرسلَ إليها خيراتهِ على جناحِ الأثيرِ
لم يَكُ منتظراً منها جزاءً ثواباً ، فالحبورُ الذي ألبسهُ إياهُ ربُ العطاء ، أثلجَ فؤادهُ فماجَ فرحاً وسحراً ، لكنَّ الغيومَ المتراكمةَ في أعالي السَّماءِ ، لم تنسَ يوماً حبَّه الدافقَ ، و كنوز يديهِ على مدارِ الفصولِ ؛ فحينَ ازدهرتْ
واغتنتْ أكرمتِ البحرَ ؛ فسارعتْ إليهِ تحملُ مطراً
غزيراً مملوءاً برسائلِ الشُّكرِ والامتنانِ ،
لَقَدْ تعلمتْ دروسَ المحبةِ منه ، فأغدقتِ الأرضَ
بخبزِ السماحِ والجمالِ ، وانكبتْ مصافحةً إياها
رغم عدائها وحروبها التي طالت السحابَ
وأفزعتِ العصافيرَ وأسرابَ الفراشِ ، فمسَّدتِ الشَّجرَ بأناملها الرقيقةِ ، وزرعتها بقمحِ البشرى والفرحِ ، فتفتَّحتْ براعمها وعقد زهرها
أقمارَاً شهيةً ، ازدانتْ بسلالِ الثّمرِ ومرتْ على الكرومِ ،وقلدتها عقوداً بلوريَّةً صفراء وحمراء
وألبستِ عرائشَ العنب حلَّةً بهية من الجمالِ والفتنةِ ، ولم تنس برحلتها للأرضِ الرياضَ والخمائل في الربا والسهول ، كما توَّجتِ الجبالَ بإكليلِ الثَّلجِ الأبيضِ ، الذي نافسَ أبيضَ الزهرِ في نيسانَ .
أروعْ به معلماً يعلِّم المخلوقاتِ دروسَ الحبِّ والكرم ! فمن كان سخياً كريم النفس قبل اليد
شُبهَ بالبحر فيقال عنه إنَّهُ بحر ، يالجمالكَ أيُّها البحر !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق