أبحث عن موضوع

السبت، 15 يناير 2022

التحليل النقدي المختصر لقصة "ميرلا والبحر الأحمر" للروائي والقاص حسن البحار............. بقلم : علي البدر // العراق




يبدو من سياق السرد أن الروائي حسن البحار يحاول اعطاءنا عبرة بعدم الايغال في تتبع رغباتنا كوننا خارج الدائرة الاجتماعيىة التي تربينا وسطها. ونجد هنا موقفا غاية في الجرأة وهو وسط دائرة من الوجوه الغريبة، ومندفعاً بآشتياق فَجّرَ رغباته، يحاورها هاتفاً في وجهها مثيراً استغرابها: " تنقصنا غرفة ونغدو ملوكاً." طلبٌ غاية في الجرأة من شاب غريب في الواحد والعشرين، أخرسها وهي الراقصة المتمرسة بين معجبيها، حيث صاح باندفاع مجنون " وبما أوتي من قوة. أُريدك. تعالي. " أجل، فكل ما في أعماقه تحقيق غايته ، غير مبالٍ بمن حوله رغم تنبيهها له وهي تشير بسبابة يدها إلى آلناس لكنه تمادى في تصرفاته فجعلها حائرة بين أمرين. ألأول إنها لا تريد خسارته ".
وكان في ذهنها ألابقاء عليه أمام عينيها المفتوحتين وهي تدور راقصة مع الراقصين بغنج واضح تحت أضواء صالة الرقص، Night Moon، تجر بساقيها العاريتين غير مبالية في تشابك خطوات الشباب في خطواتها." وآلأمر آلثاني إنها لا تريد أن تخسر معجبيها فعليها إثارة ألجميع، وهنا تأتي اللحظة الحاسمة عندما حاول آلإنقضاض عليها وهو يتمايل مترنحاً شادّها " إلى صدره مهتزاً... رفعت يدها إلى آلأعلى وهوت بها على خده، صفعة قوية وصوتٌ مدوٍ تكفلا بقطع نشوة آلمكان." ياترى هل هي صفعة حبايب و للتمويه أمام الزبائن؟
إنها بالحقيقة لغة ذكية أعطت إطمئناناً لمعجبيها وهي أيضاً درس لمن يحاول آلاستئثار بها من دون بقية آلرواد إثناء تأدية عملها آليومي آلمعتاد وأمام آلحاضرين. وما هي إلا لحظات حيث وجد " عامر" نفسه مرمياً على الرصيف......" لكنه وعلى ما يبدو لا يريد آلإنشغال بألم عنقه وجنبه أثر سحله من وسط الصالة وحمله ثم رميه خارجاً، فقرر معاودة الدخول ولكن كل توسلاته برجال آلأمن آلخاص لم تفده فعاد " يائساً حيث كان يجلس وقد ساعد رذاذ آلمطر على إعادة بعض وعيه فقرر عدم الدخول مبرراً بأنها قد تكون مع رجل آخر.
وتأتي المفاجأة لتنسيه لحظات الحزن وآلتشرد. فهاهي الآن أمامه " بعينين خضراوين وآلابتسامة تعلو وجهها.." فقد نسي أو تناسى تلك الصفعة آلتي لم يفهم مغزاها من راقصة يهتف أمامها: "تعالي ، وكان في ذهنها آلإبقاء عليه أمام عينيها آلمفتوحتين..." نظرت إليه وهاهو مرتبك أخرس أمامها وقد فقد القدرة على الكلام، وكان لابد لها أن تبرر سبب صفعتها مغرية إياه : "لو كنتَ صبوراً" ، لنلت الذي في بالك أيها البحار المغامر ولكن " هيهات ما كنت تريده مني... وأمام آلناس!" غمرته آلفرحة " تهلل وجهه آرتياحاَ وهتف " لا عليك.. هيّا"، حيث سار خلفها لاًهثا." ونرى هنا مقدار الاصرار متحملا الصفعة امام الحاضرين وايضا السحل والركلات التي اكلها واخيرا زخات المطر وهو مرميا بالخارج.
لقد نجح حسن البحار في رسم مفاصل سيناريو الأحداث ببراعة لافتة جعلنا نتلهف لتتبع تفاصيل الأحداث، فقد كان البطل مليئاً بالحيوية والعنفوان والجرأة وربما كان هذا بسبب الخدر من جهة والاحساس بالحرية وضرورة تصريف طاقاته المكبوته. وكما بدأت القصة بسلوك "عامر" غير المتحفظ أي ألجريء والمتطرف والذي أكسبنا المتعة والاصرار بالمواصلة، فإنها انتهت بارتداد نفسي عميق حد التطرف أيضا. وعليه لابد من البديل الذي يمنعه من السلوك الذي لايرضاه هو خاصة نجاته من مرض الأيدز الذي أقلقه وهذا قربه من التوبة حيث اعتكف في غرفته. فالبحارة " هتفوا.. غنوا.. ضحكوا.. ... إلاً "عامر" الذي كان في غرفته منزوياً خاملاً متوحداً مهموماً لا يستطيع أحدٌ فك عقدته..." وهو بحاجة لمراجعة سلوكه ووضع البديل أو الأصرار على التعديل في الرحلات المقبلة وقد " لبست هيأته الجديدة لباس الناسك المتبتل.... وتُسمع من داخل غرفته أصوات صلاة ودعاء..." وقد كانت الصدفة في عدم الأصابة بالايدز فرصة لمراجعة النفس التي اعتبرها رحمة وهي صعقة shock ضرورية حتمت عليه مراجعة الذات. إن الرجوع الى القيم ومواصلة السلوك المتوازن هو من مقومات الفرد الاساسية وقد يتخذ البعض العبرة التي تساعد على تغيير أو تعديل السلوك..
نلاحظ ان حسن البحار يحاول سحب السرد ضمن ميكانزم القصة القصيرة لكن الاسلوب الروائي بدا واضحا وجاء بانسيابية لافتة كانسيابية تصرفاته وتقبله الصفعات والسحل والركلات وزخات المطر...
علي البدر



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق