أبحث عن موضوع

السبت، 15 يناير 2022

اسمه السذاجة ؟!! ............. بقلم : مصطفى ولديوسف



...إن أكبر ذنب اقترفه في حياته البائسة أنه ساذج...ساذج في كل ما يفعله،راكضا،جالسا،مبتسما، مصدقا، مصفقا...المهم، في كل خطوة يخطوها، والسذاجة تلازمه؛فتضافرت عليه النفوس المريضة،التي ترضع الخبث والنميمة لإغراقه في بحر القلائل، حتى آخر رمق من سذاجته...
قصته مع السذاجة دشنها أبوه،لما انصاع لأبنائها بأن يحرمه من الميراث؛لأنه شديد السخاء،وقد يبذر حصته من الميراث لدور العجزة، دون مشكلة تذكر؛فعندما كان صغيرا يقدم طعامه لكلب جاره كاملا،ويبقى جائعا حتى مطلع العشاء دون مشكلة تذكر...لما استقام عمره،وأينعت أفنانه،بقي على العهد، من يراه محتاجا يستضيفه، ويسعفه بكل ما يملك؛فاحتار الجميع من تصرفاته الغريبة، فقالوا قد مسه جن السذاجة، ولابد من رقية ليشفى من هذه اللعنة ...وبعد أكثر من حصة دفعها بماله طبعا،بقي على عهده...وهو يتجول لمح متسولا رث الثياب ،يقضمه برد شديد،فقدم له معطفه، وأغلب ماله، والمتسول في حالة ذهول :
-أنت ملاك؟!!
-لا،وإنما حز في نفسي أن أراك في هذه الحالة، والبرد لوى معصمك.
كان المتسول من سلالة النصابين، فالتسول مهنة مربحة وغير شاقة...أشفق عليه،فردعليه المعطف وماله، تاركا النصب إلى غير رجعة...
...كل ما يقوله الناس يصدقه،وفي عمله لا يعرف التملص من مهامه...يقضي الوقت كله في التركيز على تسجيل البضائع في المخزن بتفان وإخلاص...لايعرف لون الإجازات المرضية؛ فهو منضبط إلى درجة أن الدقائق تغار منه...وكان مديره في حيرة من أمر انضباطه، وإصراره على إتقان عمله؛فاقترح عليه أن يتغيب يوما دون مبرر، ليكون سويا مثل الآخرين، فرفض بشدة...هدده بخصم ثلاثة أيام من أجرته النحيفة كنحافة جسده إذا لم يتغيب يوما كاملا، فتذكر عائلته الصغيرة، فقبل القرضاوى مضض،ولكن بشرط أن يكون نصف يوم...وكم كانت فرحة المديرعارمة!، ولكنها لم تدم طويلا في وزمنه السوي ،حيث لم يف بوعده ،مصرا على إتمام يومه كما يفعل منذ عقدين...!!
انعقد مجلس الإدارة، وكان في جدول الأعمال قصة الموظف الملقب بالساذج؛وبعد أخذ ورد اتفق الحاضرون أن المعني بالأمر غبي، ويجب اتخاذ الإجراءات القانونية لتوقيفه عن العمل؛ لأنه لا ينسجم مع روح الجماعة...!! (قصة قصيرة جدا )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق