أبحث عن موضوع

الجمعة، 12 نوفمبر 2021

الصبـرُ مِنحـةٌ ربَّانيـةٌ....................بقلم : عبد الناصر سيد علي - مصر.





كثيرٌ مِنَّـا يظنُّ أنَّ صبرَه يُعَدُ صبراً ، ولكنَّ الصبرَ الذي تُـؤجَـرُ عليه يكون صبراً مع الرضا ، صبراً جميلاً ، صبراً بلا شكوى ، فالتذمر وعدم الرضا مع ترديد اللسان لكلمة صبرٍ لا يستقيمان فقد ورد في الصبر الجميل على لسان يعقوب بالقرآن الكريم أنه قال :
" فصبرٌ جميلٌ والله المستعان على ما تصفون" ولما قالها بيقين ردَّ اللهُ عليه يوسف ومعه بصره ، فإنْ لم يكن صبراً برضا وقناعةٍ فلا يك ن صبراً.
حتى في حديث الإفك وما ورد باتهام السيدة عائشة زوج النبي " صلى الله عليه وسلم" في عِرضِها من قِبَـلِ المنافقين ما كان قولُها إلَّا أنْ قالت : لا أقول إلا ما قاله أبو يوسف وكانت قد نَسِيَت اسمَ سيدنا يعقوب ساعتها قالت : " فصبرٌ جميلٌ والله المستعان على ما تصفون ".
وقد ورد أن عروةَ بن الزبير بن العوام وهو ابن السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق أنه كان ببلاد الشام وحدث ورمٌ بإحدى قدميه فأشار الأطباءُ ببترها وعندما أحضروا له ( البنج ) لإجراء عملية البتر فقال : لا والله ما أوَدُّ أن أغيبَ عن ربي لحظةً ، فإذا أردتم بترَها فافعلوا ذلك وأنا بالصلاة فساعتها أكن مع ربي فلا أشعرُ بألمٍ قط ، وبعدما فرغوا من بترها قلَّـبها بين يديه قائلاً : يشهدُ الله أني لم امشِ بكِ في حرامٍ قط ، وهو في هذه الأثناء جاءه خبر موت ابنه الأكبر محمد وقد رفسته دابةٌ في حظيرتـه قضت عليه ، فاسمع ما قاله هذا الصبور وتعلَّم قال : إن الله جعل لي قدمين أخذ واحدةً وأبقى لي واحدةً ،فالحمدُ لله على ما أخذ والحمد لله على ما أبقى ، وكان لي من الولد أربعةٌ أخذ واحداً وأبقى لي ثلاثةً فالحمد لله على ما أخذ والحمد لله على ما أبقى ، أبعد هذا الصبر صبر؟!.
ولقد صبرَ أيوبُ على مرضه ، وصبر نوحٌ على عصيان ولده وزوجته ، وصبرَ إبراهيمُ على سفاهةِ قومه ،وصبر يوسُف على
إغراءات امرأة العزيز وما تالاه من قبوعه بالسجن سنين ، وصبر موسى على غطرسة فرعون ، وصبر عيسى على محاولات قومه لقتله، ، وصبرَ نبيُنا محمدٌ " صلى الله عليه وسلم" على شراسةِ كفار قريش وإيذائه ، وصبر أولوا العزم من الرسل كلهم على إيذاء أقوامهم.
ومعني أن تصبر هو أنك وكلتَ وفوضتَ أمرك كله لله يصـرِّفُـه لك كيفما شاء ، أبعد هذا الوكيل وكيل ؟!.
والصبر لا يكون فقط كما يظن البعض بعد صدمةٍ أو مصيبةٍ ، ولكنَّ الصبرَ أنــواعٌ :
* صبرٌ على قضاء الله وقدره خيره وشره ، فالصبر على القضاء الخير بالشكر والصبر على القضاء الشر بالرضا ، وقضاءُ اللهِ كلُّـه خير.
فصبراً على ضيقِ الحال وقلةِ الرزق، وصبراً على عدم الإنجاب، وصبراً على سلوك الزوج أو الزوجة السيئ، وصبراً على حماقة رئيسك في العمل، وصبراً على سوء خلق جيرانك، وصبراً على عصيان أولادك، وصبراً على سوء خلق كل من تقابله خلال يومك، وصبراً على مرضك، وصبراً على تعسف الموظفين في قضاء حاجتك، وصبراً على جهل وفظاظة البعض في معاملاتهم تجاهك ، كل ذلك يحتاج صبراً جميلاً لتفوز في الدارين .
النوع الثاني :
صبـرٌ على كل ما أمر الله به، فقد أمرنا الله بالصلاة وهي أحيانا تشقُّ على البعض من وضوءٍ وماء بارد بالشتاء إلى استيقاظٍ بالليل في الصيف وغيره فنصبر على أوامره و نحتسبها ؛ بل نؤديها برضا وحبٍّ.
وأمرنا أن نخرج من عزيز أموالنا المحببة إلى نفوسنا زكاةً وصدقةً فنقبع لأمره برضا تامٍ فهو الذي وهب لي هذا المال وأما أنا فحارسٌ له ، وأمرنا بصوم رمضان وهو شاقٌّ على البعض لِما فيه من الحرمان من لذة الطعام والشراب وبخاصةٍ بفصل الصيف والجماع بنهاره فنصبر مع الرضا صبر بلا شكوى .
وأمرنا أيضاً بصلة الأرحام رغم أنهم
يسيئون إلينا فنصبر ونصلهم امتثالاً لأمره،
وأمرنا بحسن معاملة الجيران والصبر على آذاهم .
وأما الأخير :
فصبرٌ على ما قد نهانا الله عنه ، فتجد أن هناك لذة وقتية زائلة لكل المحرمات ، وأنت بدورك ابتعد كل البعد عنها لما فيها من مخالفةٍ شرعيةٍ ، وأضرارٍ اجتماعيةٍ ، وهذا يتطلب نوعاً من الصبر على عدم ارتكاب هذه المحرمات، والانغماس في آتون تلك الشهوات .
فبالصبـرِ الجميـلِ ننل حب الله كما قال تعالى " والله يحب الصابرين "
، وبه أيضا ننل الثواب العظيم بدخـول جناتٍ بغيـر حساب يقينـا قال تعالى :
" إنمـا يوفَّـى الصابرون أجـرهم بغير حساب " ومعنى أن الله تعالى يقول بغير حساب أي لا حدود له ولا يقاس بمقاييسنا نحن،
وبالصبر الجميل أيضا تتحقق لنا معية الله قال تعالى :
" واصبروا إن الله مع الصابرين "
فهل بعد هذا النعيم نعيم ؟! .





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق