أبحث عن موضوع

الأربعاء، 8 فبراير 2017

رائحة الدم ( قصة قصيرة ) ............ بقلم : مزهر جبار // العراق



في المكان صوت الدم. أنزويت في الحيز الضيق تحت السلم. أشتغل عقلي بالبحث عن مخرج. أجساد لم تزل تصارع الفناء. ثمة أنين من تحت أرجل الخيول. كنت أعلم بحكم علمي؛ للأنفس طاقة هائلة على مقاومة الخروج من الجسد. في النهاية، تحلق مجبرة، في الفضاء. لا تبتعد الروح كثيراً. تظل تطوف بالقرب من الجسد. المغول، أنتشروا في الباحة. سيوف تتلامع. وذيول شمس غاربة.
- اصعد، اصعد، اصعد. قال مرتبكا وهو يدفعني الى الدرج.
على السطح، قلت لي: أأجلس أم أظل واقفاً؛ جثوتُ على ركبتيَ. من جرف النهر يأتيني صراخ وعويل ونواح لنادبات على كتف النهر. على الرغم مني؛ أدرت عينيَ جهة النهر. خيول المغول تجوب زند دجلة. بكاء أطفال، أسمع. هدأ فناء المدرسة المستنصرية. تنقل إلي الريح صوت الموت.
- أين الخليفة، أين الجيش.
صوت الدم مخيف. حدقت في الرواق المفتوح على سماء حزينة، مظلمة. سكوت وسكون. أشباح التتر تفتر في المكان. الخيل تصهل وهي تخرج من بوابة المدرسة المستنصرية. أصوات من العالم الآخر تجىء اليَ من الاسفل. أشم رائحة الدم. اردت، قذف ما في بطني لأرتاح. قرقرة وصوت أختناق في أمعائي. خشخشة وهسيس على السلم. لم أشأ السوأل. جعلت من السكوت ستر أختفاءي. ثمة انين جراح ينقلها هواء ليل الغزاة اليَ. امتص الليل صوت الجراح.
دماروخراب. هناك من يناديني: شيخنا. أدهشني الصوت الخافت. من أي ناحية يصلني الكلام، المدغم المخارج. أتسائل من غير أن أفتح فاهيَ. تسرب إليَ جنون المأساة. شككت في قوة عقلي: هل جننت. من هذا الذي؟!؛ يحثني على النزول. لمتني على عدم تماسكي. تتجول سيوف الموت بلا خشية.
- شيخنا
- من؟ بصوت خفيض سألت.
لا أحد يرد. – "كائن الروح يظل قريباً من الجسد بعد الخروج". ثمة طقطقات على منسبط السلم. اصخت السمع بلاجدوى. هناك من يتكلم بحشرجة. – "ودعت الأرواح حواضنها من الاجساد المصبوغة بدم الجراح. حتما هناك في الاسفل من يسجن الروح في الجسد ولا يريد الموت". أرسلت عينيَ الى مياه دجلة. العتمة على سطح الماء، حجبت كل شىء. مسامعي أسمعتني رطانة التتر. تأملت حزن الليل. علمي بالفلك؛ أعلمني:-" الوقت الآن، ساعتان بعد أنتصاف الليل. في هذا الوقت، ثمة من يقاتل". هسيس كلمات على الدرج. يبعثرها صوت الجروح. أقترب الهمس مني: شيخنا، أنا جريح. كان الطالب الذي دفعني الى الدرج. تعرفت عليه من نبر صوته. ما أن أقتربت منه ووصلت إليه؛ حضنته. وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، قال باكياً:
- شيخي، قُتلَ الجميع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق