أبحث عن موضوع

الثلاثاء، 30 أغسطس 2016

لنذهب الى لالش ................ بقلم : خليل خدر // العراق

لنذهب الى لالش
ألبسوا البياض
وحول أعناقِكُم ضعوا الشموسْ
أخلعوا أفواهكُم المحملة بالذنوب
لنصلِ معاً و نؤدِ الطقوس
لنغتسل بماء زمزم
ونطهر النفوس
بعد أن يتذوق المدخل هرعَ أقدامِنا
فالصلوات تتسلل العتبات
ولنعلق مصائبنا في عقدة
علّ عقيبنا يفكها
ولنهدِ زوج القباب قبلتين حملناهما من شنگال حتى أزهرتا قداسة
ولنخرج ما في جيوبنا من أغاني الحزن
لنلقيها ونبكي على أحلام الكثيرين
على سفوح عرفات
دعونا نقبّل كل شيء في المكان
تربة المزار والجدران
تعالوا لنتمنى
عسى أن تعانق السماء أمنياتنا بين النجوم
ونسمات الأمل تبعثر سوادَ هذه الغيوم
وتأتي بثلوج كبياض لالش
تخمد النيران وتدوم
وتُسر أطفال يرضعون الحزن من صدر الجبل
وفتيات يلبسن الليل
ويذرف الزمن السراب عليهن

هناك خلف الغمام سبعة شبان وسبع فتيات قادمون من المقبرة كانوا قد أصبحوا قرابينَ إبان الفاجعة
زوج من العجائز أنهكهما التعب جالسان في زاوية من المزار يستذكران أطفال كوجو وهم يلعبون في أزقة المدينة
فلنضرب رؤوسنا في الجدران لتعمل عقولنا
وتعود بنا الى ما قبل الإبادة
حيث كان الفرح يختلف
اللعب يختلف
وكانت تختلف حتى العبادة
إذ كان النوم في سرير من الحنان
حتى صار النوم على الجبل والصخر وسادة
خلف المزار سيل من المشردين والثكالى يتجهون صوب الغرب حاملين أمتعتهم الملأى بالهموم والدموع
يبحثون عن مأوى وقوت و ملبس
وعن ضياء شمسٍ أو شموع
وفي المخيّمِ حيثُ يَقطنْ ألوف ُ الأمواتِ امرأة حُبلى تجلسُ القرفصاءَ ثلاث ساعات يومياً
إذ يقال إن هذه الجلسة مفيدة للحوامل
ولا تعلم إن ما في أحشائها قد مات منذ الآب الأسود عندما كانت تصعد ذلك المنحدر الذي يدعى جبل سنجار الواقع شمال الموت
با أيها القاضي الأبكم
ألا ينطق لسانك بالحق؟
يا حاكم الكون الأصم
ألا تسمع هذا الضجيج من الأصوات؟
أرسلت إلينا كل الأقوام ظمآنة لدمائنا
فنحن نخشى أن لا. لا نخشى أن نموت
فكثيرا ما كان الموت أماً حنونة تأخذنا بالأحضانِ
آخر مرة رأيته كان يلهو مع طفلٍ له من العمر إبادة واحدة
على الطريقِ الرابط بين التفاؤل والأمل في بحزاني
أتقول يا قاضي إننا جئنا في زمنٍ خطأ
لو إن الأمر هكذا
أظنني يا قاضي لو ولدتُ الان من جــديدٍ
لأصبحتُ رغيفَ خبزٍ او قطرةَ ماءٍ تنسدل في عنق الجبل كي لا يموت أبناؤه من العطش والجوع
او أصبحـتُ متر قماش او حفنة تراب تستّر آلافاً من الجثث المرمية في الشوارع
لكنني يا قاضي لا أظنه هكذا الموضوع
ما حصل هو..
إن ظلاماً دامساً دخل المدينة وكسر كل الأضواء
في ليلة أختفتْ خوفاً النجوم من السماء
ونيران قذائفهم أشعلت حولنا كل الفضاء
وانت يا حاكم
هلّا فتحتَ سمعكَ
لأشرح لك ما هو ذنبكَ
لتعرف كم كان ظالماً حكمكَ
حدثَ وكأنك لم ترَ
عندما كانت ايادي الموت مغلولة حول أعناق الأطفال
في نفس اليوم الذي كان الموت يرقص على بنادق الرجال
فأعلم يا أيها الحاكم
إن سقوطنا محال
لهم الهلاك ولنا الخلود
في أوردتنا لا يسري دم
بل يسري عشق الصمود
نعلم جيداً إن هذا حدث
لأننا نملك لالش
وسينتهي كل هذا
لأننا نملك لالش..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق