أبحث عن موضوع

الاثنين، 29 أغسطس 2016

الهندسةالشعرية / قراءة في : براحتيك....همس القمر / إنعام كمونة ................. بقلم : شاهين دواجي / الجزائر





براحتيك....همس القمر
..........نص / ... ( إنعام كمونة )
ذكرى هادرة القامة
خنقت ابجديات شغافي
باء .....استهل حد الطعن …. *
راح .... تمادت لقلب الوجد … *
تاء ...... شحذت حد التماس …. *
كاف .... ذبحتني بباحة الدموع ....*
…. فراشة تهذي ….. براحتيك
ارتجف دمي…. تحجر
شَرَبَت غصة الجود…. شغفاً مهيباً
أينغرز الرمش نبالا في الحدقات ؟
أتحلُ كفوف العناق وضلوع الهمس مطعونة بالجوار ؟
…….بالأمس ……….. وشم بلا لون قمر المساء ……
فلك هوى في مساءات الهوى
تائهة البوح نوارس حنيني
على خصر موج بلا ضفاف ….
اتكون السطور بلا زخرفة…… نقطا ؟؟
ايكون عطر بلا غواية….. ضوعا ؟؟
وحيدا ؟ ……………………..
ام تراقص اطراف العذاب ؟
قد تهاوى اكسير دواتي
ارثيني في محاجر الآه …. نغمة تلوح
علق طيفي بمرايا الغسق…نجمة تنوح
ارزم صوتي سنديانة زيزفون ……عقدت ازميل العتب
لاحب يؤول ……………..
لا خصلة غزل …………………..
فالبدر اسدل غمامات البكاء !
ارتمى بسحنات الوجع !
13 / 6 / 016 ......إنعام كمونة

- بعد أن قدّمت لنا الأستاذة إنعام كمونة "جرح الفرات " – النص الجميل الذي بكت فيه العراق بكاءًا خنسائيّا هاهي تقدّم لنا وجعا من نوع آخر وجعا ذا طابع آخر يحكي حكاية الأنثى حين تحبّ فيخيب ظنّها في الحبّ .
- تقدم لنا الشاعرة هذا النص بلون الكآبة والقتامة والحزن ولابدّ أن أنوه الى أن النص وشاح إنساني جميل تستطيع كل من ذاقت خيبة الحبّ ان تتشح به من حيث هو آهة تنطلق من الأعماق الى الفضاء العريض ،نضجت على جمر الهجروالنكران .
- العنوان :
- يشي عنوان هذا التشكيل بمجازفة خطيرة حين تقوم الشاعرة باستخدام تعبير" شعبي "كعنوان لنصّها ( براحتك ) حيث تسلك بهذا طريقة عدد من الأكابر عبد المعطي حجازي في ( ياهواي عليك يامحمد ) قلت هذا النوع من العناوين مجازفة حقيقية لأنّه يتطلب جرعة شعرية كبرى لينال البريق وسك العلامات الشعرية .
- براحتك : كما قلت تعبر شعبي عراقي يقصد به إنهاء الكلام وعدم الإكتراث للمخاطب هذه هي الدلالة التي دندنت حولها الشاعرة في غمار نصها حين جعلتها آخر ما يخرج من في المحبوب منهيا بهذا قصة كان يمكن ان تكون أيقونة عشق دافئ .
- الهندسة النصية :
- من المبالغة أن أقطع أن هذا النصّ مغاير لما ألفناه من النصوص ذات المآل العاطفي غير أنّنا من جهة أخرى نجد فيه سمات بنائيّة لانجدها في غير وهو ما أعبر عنه بالهندسية النصية فلا ننسى أن الشاعرة ذات خلفية في الهندسة تكنها من التشكيل ببرا عة وإقتدار ، وهذا ما ساحاول الكشف عنه بعد قليل .
- التناص الهندسي : لئن كان جمهور الباحثين يتفقون ان التناص إعادة أنتاج النص وفق وعي وتشكيل معينين فإننا نجد في هذا التشكيل نوعا آخر من التناص ك هو تناص البنية نفسها حيث تسلك الشاعرة سبيل درويش في تفكيك بنية الخبرات اللفظية حين تجعل من الأصوات المكونة للعنوان : ( براحتك ) دلالات ناطقة ولكل منها مغزى في الفعل الشّعري .
- تعمل الاستاذة على تشريح هذا العنوان صوتيا واستنطاق الاصوات المكونة له وتتطرف وحين تجعل كل " فونام " في مقابل دلالة هي غاية في الوجد والالم أي أن التشريح كان وفق إحساسها بفجيعة هذه الأنثى " الضّحيّة ":
*باء ـــــــــــــــ الطعن
*راء ــــــــــــــــ الوجد
*تاء ـــــــــــــــــــــ شحذ
*كاف ـــــــــــــــــ ذبح
لتكتمل مسحة الكآبة في هذا التشكيل على وجه يجبر المتلقّي على التعاطف قسرًا مع الضحيّة .
جمالية التناص مع درويش هنا تكمن في مفارقة الشاعرة لدلالة درويش وأن وافقته في العملية الصوتية في عمومها فدرويش كما سنرى أراد الوطن واللاجئ ومعاناة الشعب الفلسطيني والمقاومة والسيدة إنعام أرادت الحب والعذاب والمرارة وخيبة الأمل كما شرح درويش اسمه كأيقونة للمواطن الفلسطيني وشرحت شاعرتنا حالة نفسية .... استمع معي الى درويش في جداريته حين شرّح اسمه ( محمود ):
*ميم : المتيم المتمم ما مضى
* حاء : الحقيقة والحبيبة حيرتان وحسرتان
* ميم : المغامر المعد المستعد لموته الموعود منفيا مريض المشتهى
* واو : الوداع الوردة الوسطى ولاء الولادة أينما وجدت ووعد الوالدين
* دال : الدليل دمعة درست ودوريّ يدللني ويدميني
* وهذا الإسم لي
- المعجم :
- كنت قد قلت في مقال سابق عن السيدة إنعام أنها مصابة بفوبيا العلامات اللفظية من حيث أنّها حذرة في اختيار علاماتها وهذا فيه جانب من الحس النقدي عندها فهي تتوقّع آراء النقاد فيها كناقدة ، فالفعل الدلالي عندها ليس اعتباطًا بل هو هندسة نظمية تراعي بلاغة القول .
- كنا قد اتفقنا قبل قليل أن النص عاطفي يحكي عذابات الهجر فلنجب عن السؤال التالي :
ما تمظهرا تالمعجم في دلالة النص ؟
- للإجابة عن هذا النص لابد من تفكيك المعجم أولا ورده الى دلالته ثانيا :
- أ/ الجانب العاطفي الرقيق :
- همس القمر / فراشة تهذي / الرمش / العناق / نوارس الحنين / الطيف النجمة..... هذه العلامات وغير ها تحيل على جانب رومانسي رقيق يحرّك الوجدان وهو الموقف الدرامي للأنثى التي لم تكفّ عن حب هذا الرّجل مع خيبتها فيه حيث لازالت تسمّيه "القمر " كما يحيل اليه جزء من العنوان ( همس القمر ).
- ب/العذابات :
يشي هذا الجانب بتمكن لغوي وكذا تمكن من اللغة الشعرية حيث تتطرف الشاعرة في غيصال الدلالة عبر معجم قاتم لتحيل على مأساوية الخيبة ، استمع معي :
الطعن / الذبح / الوجد / الغصة / الضوع / العذاب / تهاوى / تنوح الوجع / البكاء .....
العلامات كا نراها تفيض مأساوية وحزنا أرادت الشاعرة أن تنقل من خلالها الحالة النفسية للأنثى حين يكسر قلبها من محبوبها .
- ولن أخرج من هذه الجزئية في البحث قبل أن أشير الى أن قتامة العلامات تحيل الى أن ما حصل بين الحبيبين لم يكن مجرّد هجر بل تعداه الى الوقوع في المحضور كما نفهم من علانتي : ( الطعن / الذبح ) ولكن شرقية الشاعرة منعتها من التصريح وهذا جانب جمالي ينضاف الى رصيد الأستاذة إنعام .
التصوير :
- بعد أن اختارت الشاعرة علاماتها بحذر مهمتها الآن : إيجاد التجاور الأمثل لهذه العلامات لتضع قلمها وتمتشق ريشتها فتصور لنا المشاهد المأساوية للحدث الشعري حيث العمل هنا على أيجاد شرعية اللفظ داخل مجتمع العلامات وداخل المشهد التصويري نفسه .
تقوم الشاعرة باستخدام مجاز مبتكر من خلال تقنيات أهمها :
1/- إخضاع الصورة للوعي حين تتقمّص شخصية الأنثى الضحية فتنطق بلسانها .
2/- العمل على المجاورة بين العلامات الأكثر بعدا إن على المستوى الرأسي أو الأفقي .
3/- استخدام الصورة بحدين لتدلّ على المعنى ومقابله وهذه الجمالية لابدّ من توضيحها بأمثلة : لنتأمل الصورة الآتية :
- أينغرز الرّمش في الأحداق ؟: وهي أجمل صورة في التشكيل حيث تأخذ الشاعرة توافق الرمش والنبل – الى حد ما في الشكل –ثم تحدث الدهشة حين يصير الرمش الدال على الرقة والدلال أيقونة للذبح والخديعة حين ينغرز في الاحداق ؟؟؟؟. من جهة أ خرى تشير الشاعرة الى أن علاقة العشيقين لم تكن هيّنة بل كانت علاقة / الرمش بالحدقة وما أوثقها من علاقة وما أرقها من علاقة ؟؟.
- أتحلُ كفوف العناق وضلوع الهمس مطعونة بالجوار ؟ في هذه الصورة يحيل السؤال وعلامة "مطعونة " على الحيرة والقلق والذبول العاطفي لكن من جهة أخرى تحيل على مدى الحب والعشق الذي جمع بين الحبيبين
العناق / الضلوع / الهمس ) ولهذا قطعت أن العلاقة لم تكن حبّا بل كانت أكثر من الحب ؟؟؟
- حاولت قبل قليل أن ألفت الأنظار الى جماليات تضمنها تشكيل لشاعرة حقيقية على حداثة سنها استطاعت ان تصنع لنفسها مكانا بين الكبار وما ذاك الا بتوفرها على موهبة شعرية أصيلة وذائقة اكتسبتها من تكوينها النقدي العصامي فكل الدلائل في هذا النص تشي بذكاء حاد يساعد على صيد اللحظة الشعرية وقولبتها في القالب الجمالي لتكون الدهشة والإمتاع تحصيل حاصل .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق