أبحث عن موضوع

الثلاثاء، 11 نوفمبر 2014

جدلية الحضور والغياب في مستوى التأويل الدلالي المقدمة النقدية لمجموعة(أيُّ امرأةٍ أنت ؟! )للشاعر الأردني محمد خالد النبالي بقلم الناقد والشاعر : عباس باني المالكي /// العراق



جدلية الحضور والغياب في مستوى التأويل الدلالي
المقدمة النقدية لمجموعة(أيُّ امرأةٍ أنت ؟! )للشاعر الأردني محمد خالد النبالي

عندما تكون الدلالة هي التوصيف المعنوى اتجاه من نحب تتحول جميع أرهاصلت الامتداد البصري اللساني الى صور ذاتية تنحت من الحبيبة الرمز الذي يأخذ جميع نداءات الإيحاء في عمق التكون للمدلول داخل الذات , فتتسع الإشارة المنغمسة في حدودية الهم المعنوي في البوح الذاتي الموحي من اقتراب الحبيبة من الذات الى حد تعطي لهذه الذات المعنى الجوهري المؤشر بمقدار وجودها داخل الصوت الباطني للشاعر , والشاعر محمد خالد النبالي في مجموعته الشعرية (أيُّ امرأةٍ أنت ؟! ) يرتكز على خلق الرمز في النص على بؤرة التي تحمل الهم الشخصي وفق نسق الخصوصية العالية اتجاه الحبيبة الى حد تصبح الشكل والمضمون في الجملة الشعرية , فالشاعر يعتمد على جوهره المتناظر مع جوهر الحبيبة ومقدار ما يمثل هذا الجوهر من تطابق مع جوهره , لهذا تصبح ذات الحبيبة هي صوته الذاتي وفق نواميس طاقة التعبير لديه والتي ترتبط بهذه البؤرة النصية الثابتة مع تعاقب المعناي التي تتسع من هذه البؤرة المعنوية داخل الجملة الشعرية الصورية , فيشعر المتلقي أن الشاعر يسعى الى تأشير المسميات الحياتيه من خلال رسم مسميات الشخص الأخر لكي تبقى الحبيبة هي الاستمرار المتطابق كليا مع ما يريده في المرأة التي تمثل الحلم الكامل لديه , حيث بنى عنصر الرغبة والتمني لدية على هذا الحلم , فتصبح الحبيبة هي التبرير الذي يعطي لذاته القيم والأنساق الحياتية التي يسعى إليها ضمن وجوده الفعلي في تكوينية الحياة المشترطة داخل عنوان المضمون الحياتي الذي ينشد وفق نسق المعنى العرفاني والمقدس خارج التوصيف الحسي .
رقم الصفحة ( )في نص (أيُّ امرأةٍ أنت؟! )
(يا امرأةً لا يعرفُ نعتي إلاها /طفلة ٌ تحب أن تعبثْ /ودمي خلفها شقيٌّ ِ يلهثْ /مُذْ صرتِ قدري /وأنا أقطفُ الكلمات /من بساتين الأبجديات /وأنمِّقُ القصيدة /بقزحٍ يمتدُّ كمدى عينيكِ /المكتظ بالنجوم ِ الغائبة /عذراءُ ما غابَ طيفكِ /عن كلِّ العصور )
الذي يميز نصوص الشاعر محمد خالد أنه يضع التوصيف الصوري لحبيبة ومن ثم يسعى لتكوين الدوال التي تقارب هذا التوصيف فتصبح الجملة الشعرية لدية صورية لسانه ناطقة بالمكنون المتكون من تناظر الحياة دخله من عرفانية الإدراك الممتد من داخله الى التصور الوجود الحلمي لحبيبة , وقد اعتمدت لغة التعبير لدى الشاعر على المقاربة في الكلمات التي حققت أنسابية النص وعلى إيقاع التركيبي النسقي للمفردات المتجاورة والتي خلقت بدورها التماسك الداخلي ( المنولوج) من هذا التعبير اللغوي فنجد هذه الكلمات في المعنى الذي ينساب بالتقارب الصوري الذهني وفق الرموز الموحية الى الحبيبة , والنص يصبح عنده الى نص من نصوص المرايا لأن الشاعر يكون الجمل الشعرية وفق انعكاس التصور الوجودي لما تمثله هذه الحبيبة من اختيارات إنسانية في داخله ( امرأة , طفلة , عينيك , طيفك ) فيعطها التوصيف الذي يجعلها امرأة مرة ومرة طفله من أجل أن يبين أن هذه المرأة ما هي إلا طفلة تحمل كل النقاء والبراءة في داخلها والتي هي انعكاس الشرطي ما في داخله من هذه الصفات التركيبة للذات المعلنة بوجودها حسب مواصفات هذه الحبيبة , فتكون الجملة الشعرية عند الشاعر جملة استشعاريه تكوينيه لامتداد التصوف في مسميات الحبيبة والذي هو إيحاء بتكون الدالة داخل التصور وجداني في رموز الحياة داخلية للذات لكي يحدث انفتاح كلي من الداخل على مسميات الحبيبة , فتصبح الحبيبة هي رومانسية الفكرية الرؤيوية ولهذا يبقى النسيج اللساني والتعبيري متقاربا لكي يعطي لحبيبته التوصيف الكوني و الكلي للزمن (المكتظ بالنجوم ِ الغائبة /عذراءُ ما غابَ طيفكِ /عن كلِّ العصور ) ...

رقم الصفحة ( ) في نص (آه زينب )
(يا نقاءُ البحرِ ووجهَ الشفقِ /فريدة أنتِ كالمحالْ /همسةٌ في حضن صمت /دهشةٌ تفوق الخيالْ /تعالي إليّ /
هلمّي من كلّ صوبٍ /مع جديلة الريحِ /في هزيعِ الليلِ /في شوقِ السُّؤالْ /خلّدتكِ في نبضي فعانقيهِ /من يستحقُّ إلاك /يا أنثى الدلالْ ؟ )

دائما يبدأ الشاعر بالنداء الى الحبيبة فهي الصوت الداخلي لكل الأشياء التي ينتمي إليها وفق تمازجها الداخلي العاطفي في إدراكية الانتماء لديه (يا نقاءُ البحرِ ووجهَ الشفقِ /فريدة أنتِ كالمحالْ /همسةٌ في حضن صمت /دهشةٌ تفوق الخيالْ /تعالي إليّ / هلمّي من كلّ صوبٍ ) حيث يبني الأنساق التي توازي ما يريد أن يضيف من معاني الى هذه الحبيبة , وفي هذا النص يحاول الشاعر أن يبني امتدادات النص على صفات الكون لأنها صفات مكتسبه في أحاسيسه الوجدانية اتجاه حبيبته , وتكون الجملة هنا هي جملة حوارية ذات الصوت الواحد اتجاهها والى حد تشكل هذه الحبيبة الصوت الغائب الحاضر في هذا الحوار لهذا تكون الجملة هي جملة رؤيوية يكون صوت الحلم هو الصوت الذي يعطيها الدوال و أهميتها الحياتية من خلال الترميز لكل أشكال الحياة , فنقاء البحر والدهشة تفوق الخيال , لهذا تتحول الجملة البنيوية الى جملة اعتبارية خاضعة لأنساق الذات المتشظية في تركيب صورة البنيوية في انعكاس المرايا من هذه الصفات , حيث تتوحد الرؤيا داخل النص كبؤرة ثابتة وهي الحبيبة وتتناسل منها الدلالات الوصفية لكل حركة الحياة الدائرة حول الشاعر (مع جديلة الريحِ /في هزيعِ الليلِ /في شوقِ السُّؤالْ /خلّدتكِ في نبضي فعانقيهِ /من يستحقُّ إلاك /يا أنثى الدلالْ ؟ ) و يرتقي الشاعر بالصفات الحبيبة الى صفات الكونية من خلال المزج الرومانسي الصوفي بالانتماء الكلي لهذه الحبيبة فتكون جدلية الريح وهزيع الليل الى حد تصبح هي رمز أنثى التمني والدلال في حياته ...
رقم الصفحة ( )في نص (أنت الوقت في زمني )
(لا أحدَ قبلي /أو بعدي /أحبكِ أو سوف يحبكِ /لا أحدًا غيري غنى /أو سيغني /عشقا وصلا /لا أحدَ /يجلب الأقداح /وأزهار السوسن /الى درب التبانة إلا أنا /وحدي أطوِّقُ /جيدكِ بالياسمين /يا امرأة /ليس كمثلها في الارضين )
بعد أن بنى الشاعر في النصوصه السابقة على جملة النداء فصارت جمله جمل انطباعية حوارية خارج ذاته ومن خلال التعبير الفهمي لوجود الحبيبة في كل الرموز الموحية في الحياة والطبيعة وجعلها توازي التصورات المدركة ضمن فهمة الابستمولوجي الإنساني في معنى الحياة معتمدا على المعادل الحسي الشعوري في العواطف المتجاورة في ادراك صفات المرأة التي يحب لكي يصوغ الجمله الشعرية جملة رومانسية تصويرية مستقاة من صورة الحبيبة والتي جعلها الصور المعادلة لخياله وأسلوبا يجسد الرؤيا لدية في النص الشعري , يرجع هنا في هذا النص يؤكد أن كل ما أعطاها من صفات كبيرة وخيالية نابعة من مشاعره التي تؤكد انتماءه وحبه الكبير إليها فهو الذي أحبها ولا أحد قبله أو بعده أحبها مثل ما هو حبها وهذا ما جعله ينظر إليها بكل هذه الأبعاد الكبيرة , فلا أحد يجلب أزهار السوسن ويطوق جيد الياسمين إلا هو لهذا كانت هي المرأة التي أحبها , والشاعر بنى هنا الجملة على نسق متوازيين النسق الأول مشاعره اتجاه المرأة التي يحب و النسق الثاني هي صفات هذه المرأة التي جعلته يحبها بهذا الشكل الكبير و ها ما جعل نصوصه نصوص التدفق الصوري التي تكتسب المعنى من صفات حبيبته ضمن ذاته وضمن الحياة ....

رقم الصفحة( ) في نص (حِرْمان )
(من يلملم شظايا قلبي /في قرية جسدي الخرِب /الذي أرهقتهُ سياطُ الحنين /صيفي مهزومٌ في بطنِ الثلج /وغياهبُ الشوق بركان /وأنا لا أملك الوعي /أراني في حلمٍ لن يعود /هنديٌّ أحمر /في رواية .. كان يا ما كان /كتبت له السماء سطراً /أسودا /فاعتنقه الحرمانْ /أميرة الشمس /راقبي البحر /فأنت .. أميرته /و النساء قد ارتقين )
الشاعر في هذا النص بنى جملته الشعرية على معنى الغائب والتوق الصوفي لاحتواء الحبيبة , والذي يميز الشاعر محمد اعتماده على الكلمات الوجدانية حيث تتسع هذه اللغة بأتساع الرؤيا وهذا ما مكنه من التعبير الكامل في استبطان المعنى الداخلي في هموم الذات والمركبة من اقتراب صفات الاخر في جوهرية الفعل الحي داخل وعيه للجمال والحب و ليس بطريقة التضمين التشفيري في النص بل بطريقة الإقناع النسقي المسترسل بالجمل الشعرية البسيطة الموحية بالمعاني المتمازجة في ذاتية النص لكي لا يفقد روحية المعنى الذي يريد أن يعطيه الى المرأة التي يحب وهذا ما جعله يعتمد على الحساسية الجمالية وطاقة التخيل الرؤيوي الذي يعطي المعنى الرمزي في صورة الحبيبة فبدأ بسؤال (من يلملم شظايا قلبي /في قرية جسدي الخرِب /الذي أرهقتهُ سياطُ الحنين /صيفي مهزومٌ في بطنِ الثلج /وغياهبُ الشوق بركان /وأنا لا أملك الوعي /أراني في حلمٍ لن يعود /هنديٌّ أحمر ) والشاعر هنا طرح السؤال لكي يجد الجواب عند الحبيبة فبعد أن بين أنه حبها بكل الأبعاده الروحية وهذا ما جعله يصعد من الرمز الموحي إليها ولكن في هذا النص يخفت الصوت اللساني فالخراب حين يحدث له من ينقذه منه من يلملم شظايا قلبه والخراب هو بسبب إرهاق سوط الحنين فهو لا يستطيع أن يفعل أي شيء ولا يملك الوعي لهذا . وهنا تتحول الحبيبة الى المنقذ من كل هذا الخرب الذي يعيشه من أجل أن يبين صفاتها الجمالية والإنسانية وبعد أن أكد على حبه لها , فيعود هنا ليعكس المعنى وتتحول أمرته الى منقذ , يحاول الشاعر أن يبين قدرتها على الوفاء والإخلاص و بالانتماء له كليا لكي يطابق صفاتها الداخلية مع صفاتها الخارجية وتمضهرها الحقيقي في الحياة (كان يا ما كان /كتبت له السماء سطراً /أسودا /فاعتنقه الحرمانْ /أميرة الشمس /راقبي البحر /فأنت .. أميرته /و النساء قد ارتقين ) و الشاعر يريد أن يبين كم لها حضور
في أيمانه بالحياة وكيف لها قدرة على احداث التغير حوله فهي أميرة الشمس وسط السواد الذي يحيطه وكذلك هي المنقذة له من الحرمان الذي يعيش لهذا لا تهمه كل النساء إلا هي فالنساء قد ارتقين أي غابن عن ما هي يعيش ويفكر لأنه متمسك بها فأميرته تعطي ما يريد من الحياة .

رقم الصفحة ( ) في نص - (همسات القدر )
(هِيَ الْعَنْقَاءُ/ريحُهَا طِيبًا /يتضوعْ/عَسَلِيَّةُ الْعَيْنَيْنِ /ضِحْكَتُهَا تعويذةَ شفاء /أَمِيرَةَ النِّسَاءْ /على عرشِ قلبي تتربعْ /حُبُّهَا يُسْرِجُ نَبْضِي/وعلى يديها انْتَحَرَ الظَّلَامْ /في حضرتها يتلعثم الْبَوْحُ /ويتعثُّر الكلام /هِيَ الْعَنْقَاءُ /مِنْ مزنها هَطَلَتْ دَهْشَةُ الْمَطَرْ /هي... لَاغَيْر)
يأتي النص هنا لدلالة على الغياب والحضور لأن العنقاء لا تحضر إلا بعد الغياب فهو رمز التجدد والخروج من الموت الى الحياة , والشاعر أستطاع أن يوظف رموز العنقاء على قدر أتساع الحياة ,فيتم التحول الكامل من الغياب الكلي الى الحضور الكي في الحياة , والعنقاء ما هي إلا العودة من أفق الموت الرمادي الى جدلية الحياة الحية , فيعطي الى حبيبته الترميز الكامل لاستنهاض الحياة والعودة بها الى رمزها الحي بعد الموت فهي من على أيديها أنتحر الظلام كأنها حاضرة بغيابها , النص هنا يحمل بعدين بعد الغياب الكي والحضور من زمن الغياب وهذا ما يجعل النص عميق الإيحاء على مستوى الدلالي وعلى مستوى التأويل النصي في شعرية المشهد الذي يضيء المعنى من خلال الحركة الترابطية على حضور الغائب في زمن الحضور الكي (هِيَ الْعَنْقَاءُ/ريحُهَا طِيبًا /يتضوعْ/عَسَلِيَّةُ الْعَيْنَيْنِ /ضِحْكَتُهَا تعويذةَ شفاء /أَمِيرَةَ النِّسَاءْ /على عرشِ قلبي تتربعْ /حُبُّهَا يُسْرِجُ نَبْضِي/وعلى يديها انْتَحَرَ الظَّلَامْ ) والشاعر يجعل من التوصيف المتلاصق في عمق التأويل الدلالي لحتمية الحضور من زمن الغيب لحبيبة , كما أنه لا يملك الحضور إلا بحضورها أي أنه وجوده مترابط مع وجودها وحضورها (في حضرتها يتلعثم الْبَوْحُ /ويتعثُّر الكلام /هِيَ الْعَنْقَاءُ /مِنْ مزنها هَطَلَتْ دَهْشَةُ الْمَطَرْ /هي... لَاغَيْر) فكل شيء يتلعثم وحتى الكلام يتعثر فهي العنقاء وهي السبب الرئيسي في توفير كل ما يريد في الحياة لأن غيابها غياب الوجود الحي الذي ينشده فهي لا غير , لهذا يرتقي التوق الصوفي بحضور الحبيبة , ويبقى الحضور هو الترميز لكل إشكاليات الغياب مع أثار الحضور لهذا يبقى الحس بالحضور هو الطاغي على الغياب فكل رموز توحي بحاضر الحياة وخارج دلالة الغياب , وكأن الشاعر متمسك بالحاضر مهما حدث زمن الغياب فتكون القصيدة هي قصيدة سكونية الحركة لا تعطيها الحركة إلا حضور الغائب بكامل حضوره فيصبح هو جذوة الحياة ونشاطها الكوني والحياتي .
الشاعر محمد خالد يبني جملته الشعرية وفق التجليات اللسانية والتعبيرية التي توظف لبلاغية الصورية في خطابه الشعري و فهو يجعل من النص نسقي تعبيري متدرج في الإيحاء الذي يجاور الدالة من مدللوها الى حد لا يشعر المتلقي بأي المساحة بينهما وهذا ما يجعل النص متماسك من الداخل مسترسل من الخارج في أظهار المعنى المتخفي في ذهنية النص التعبيري و لكي يعطي عمق انفعاله الجمالي المتسارع في تحديد كل المعاني التوصيفيه للمرأة التي يحبها بحيث ترتقي هذه المرأة الى مستوى الرمز المعنوي الذي يتطابق مع دواله التي يريد أي يبين مقدار تمسكه بها , ولهذا تخضع نصوص الشاعر الى انفعالية الذات ضمن إيقاع المعنى وفق الحلم الذي يعبر عن ذاته من خلاله ومن خلال الحبيبة , فهو دائما يؤكد على رمز حبيبته من خلال الرموز الطبيعيه لكي يؤكد على نقاء وبراءة من يحب , والشاعر يعطي رموزه من خلال استنهاض الذات الداخلية مرة ومرة أخرى من خلال كشف المعنى التأويلي لحبيبته كحالة من الرموز الجمالية وبالطريقة العرفانية والقدسية فهو لا يصوغ جملته الشعرية وفق التدفق الحسي الشعوري بل من خلال التدفق التعاقبي الشعوري الوجداني الروحي ضمن قدرة الرمز الصوفي بالإتيان بما هو موحي بالنقاء والطهر ضمن حالة قدسية المرأة ومعناها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق