أبحث عن موضوع

الأربعاء، 12 نوفمبر 2014

رحلة عمر .............. بقلم بهية مولاي سعيد /// المغرب


على كرسيه الهزاز جلس يدندن بأغنية الوحدة،حجرته الصغيرة ،سريره الخشبي ،مكتبه الأعرج ،كتبه المتناثرة على الأرض ،خزانة ملابسه المهترءة تحكي قصته
هناك في المدينة العامرة وفي جامعتها كانت بداية حياة شاب في مقتبل العمر أحب الحياة بطريقته الخاصة أفكاره عصاه السحرية التي يسلب بها لب المحيطين به تشبع بالتيار اليساري حد النخاع ناضل من أجل الحرية وانتشار مبادئ الإنسانية .سلاحه تميزه في الدراسة ومحبة الأصدقاء حبل اعتصم به
في مكتبة الجامعة حيث اعتاد الجلوس،رمقها تحوم كنحلة بين الكتب .وافدة جديدة تبحث عن أول الطريق انقاد اليها كمنارة توجه القوارب التائهة في اليم ألقى التحية وعرف على نفسه،بصوتها المرتعش أجابته ،أناملها تعبث بصفحات كتاب احتضنته بقوة،كانت هي البداية التي ستضيئ أيامه
اصبحا معا بطلان لقصة غرام قل نظيرها.
اشتد الخناق في الجامعة حملات الاعتقالات حصدت الكثيرين وكان هو من ضمن المطلوبين أخذوه في ليلة غاب قمرها مغمض العينين لا دليل غير رائحة سجائر مرافقيه وصفعات توجهه اليه بين الحين والحين،في غرفة باردة مظلمة ارتمى جسده بإسفلتها،عيناه المتحررتين من الغطاء لم تسعفه ليتعرف على متواه فالظلام فاق السواد
صوت زافر واقدام تتسارع نحوه وهو قابع في ركنه يتصبب عرقا رغم برودة الموقف أسئلة،تهكمات سياط تنهال عليه وهو لا يردد الا لازمة واحدة"انسان أنا أبحث عن حقي في الحياة"،كلما رددها انهالت عليه ضربات لا يعلم مصدرها
طال به المقام في ضيافة أغراب لم يتعلموحسن الضيافة،عندما يغادروه ينسج ذكرياته يستدفئ بها
كثيرة هي الأسئلة التي تطرق رأسه،كم من الزمن مر عليه وهو هنا لا شمس تنير له درب اليوم غير لحية طالت بطول الأيام التي قضاها في زنزانة تزهو بفئران تراقصه ليلا وأشياء تقتات مما تبقى له من دم سفك من كثرة النزيف.
على غفلة منه حمل مرة تانية كريشة طائر جريح،لا صوت غير ضجيج اطارات سيارة تصفع وجه الشارع عيناه المسجونتان وراء منذيل لا تستطيعان اختراقه،توقفت السيارة،ليرمى به،يديه المرتعشتين تزيح الستار عن عينيه،الشارع خال والعتمة هي الشيء الوحيد الذي تعرف عليه زحف مشيا عساه يلتقط اتجاها يعرفه ركن الى فجوة شارع توسد الأرض منتظرا بزوغ فجر تاهت معالمه عنه
أذان الصبح يخترق مسامعه ينهض من غفلته يتجه صوب الصوت،على باب المسجد التقطه الإمام بحنو حاله المتبعثر كأوراق الخريف أغنى عن السؤال،
مرت أيام،أيقظت رغبته في العودة الى دياره إستأذن مضيفه الذي زوده بكل ما يحتاج لرحلة العودة ،وصل الى قبلته كل الأشياء تغيرت كم قضى من السنوات وهو ميت حي أجابته خصلات الشيب التي حصدها الحلاق من رأسه،مسكنه القديم خال من الروح وبقايا أشياء شواهد على ما كان. جلس بهدوء يبحث عنه وسط ركام الماضي فلم يعثر سوى على شخص يشبهه لكن ليس بهو …….

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق