أبحث عن موضوع

الجمعة، 14 نوفمبر 2014

الشكل و المعنى وخصوصية المفردة في قصيدة أساطيرٌ تحتَ عباءةِ الوهم للشاعر المبدع كريم عبد الله... بقلم :- ناظم ناصر/// العراق



14\11\2014
النثر أما ان يكون شعرا او يبقى نثرا او سرد او خاطرة أذن كيف يمكن للنثر ان يكون شعر , في الحقيقة لا توجد قواعد محددة تضبط هذا الأمر و اذا وجدت مثل هذه القواعد فهي ذات مرونة ومطاطية ممكن تحريفها و قيادتها الى اتجاه أخر و انا من رأيي ان القاعدة الوحيدة التي يتفق عليها الجميع هي الموسيقى في القصيدة لان الشعر بالأساس هو محاكاة للطبيعة , والطبيعة هي القصيدة الحقيقية و الحية الوحيدة الموجودة لقصيدة النثر من حيث الموسيقى والمعنى والصورة
والشاعر كريم عبد الله يخبرنا كيف يكون النثر شعرا ويتحول الى قصيدة حقيقية من خلال قصيدته أساطيرٌ تحتَ عباءةِ الوهم فهو نجح في إخضاع اللغة الى فكره وزمنه المطلق و استنبط منها مفرداته التي اتخذت استقلال ذاتيا عن المعنى الذي تقصده الكلمات ذاتها في المعتاد , فالكلمات لديه لا تعطي معنى ظرفيا ذات معنى و أنما تعطي معنا أخر
فهو يعود بنا الى بداية الخليقة والتكوين الى العناصر الأساسية الماء والتراب التي كونت جسم الانسان ثم نفخ الله سبحانه وتعالى فيه من روحه و الروح هي من آمر الله العلي العظيم ليبدأ مشوار الحياة تبدأ او اللحظات كفراشات جميلة انعتقت من خميرتها لتواجه بعد ذلك ضبابا خشن هي هموم الدنيا والسعي لان يكون عابر كل الحواجز و المشقات ليعود بعد ذلك الزمن ليحشر في حقائب العودة لتسال ماذا فعلت
( ماءٌ + ترابٌ ) إنعتقتْ منْ خميرتها فراشاتكِ ../ تُداهمُ ضباباً خشناً بآخرِ الصبحِ ../ ففي حقائبِ العودةِ سيُحشرُ الزمنْ
ثم يبدأ الضد هواء ونار فالهواء ضد التراب والنار ضد الماء انه الشيطان باغوائه و حبائله ومكائده وما يسببه من هم وغم بوسوسته التي تلوث النقاء والصفاء بكل الوسائل وهنا يبدأ الصراع الأزلي بين الخير والشر فا بالاضافة الى ما يعاني منه الانسان من صراع داخلي و صرعه مع الحياة يبدأ صراعه مع الشر الذي هو الشيطان لكن يبقى الحلم و الأمل يراوده وهو يحاول جاهدا لان يصل حتى ولو كان هذا بخطوات مؤجلة بأمل وأحلام و أماني لعله يكون ويسمو ا بروح الى المصدر الأول الذي أتت منه لذلك صرع الانسان ذات ثلاث ابعاد صراعه مع الحياة التي يحياها ويعاني فيها ويشقى ويتعب و صراعه مع نفسه نحو الكمال وصراعه مع الشيطان الذي يحاول في كل لحظة ان يسحبه للرذيلة ولذا تجد الانسان هو وروحه غريبان يطوف بهم الزمان في بحار خلجانها معتمه والقدر الذي استسلم للزمان الذي يطوي مسافاته وساعاته تذهب نحو الماضي و لأتعود و الانسان يتجه الى لقاء المجهول في دياجير الوحشة و يبقى بعد هذا مجرد تواريخ قد لا يتذكره الزمان ولا هو يتذكر تواريخه
( هواءٌ + نارٌ ) همجيّتي تنبثقُ ناعسةً ../ تخشعُ إذا داعبها صوتكِ البعيد ../ والمراراتُ تحاصرُ حرقةً مسعّرةً
غريبانِ يطوفانِ بخلجانِ معتمةٍ ../ حلمٌ واحدٌ ينشطرُ كتفاحةٍ ../ والقَدرُ يسعى مستسلماً يطوي المسافات
يتضوّعُ اللقاء في دياجيرِ الوحشةِ ../ على أجنحةِ التواريخ ساكناً ../ كخطواتٍ مؤجّلة بلا طريق
وبعد الماء والتراب و خلق الانسان والهواء والنار وبداية الخلق الأخر وبعد اكتمال العناصر الأربعة تبدأ مرحلة البناء و تبدأ الحياة و اذا قلنا ان الطبيعة هي قصيدة النثر الحقيقية فالانسان هو بذاته قصيدة أخر وكلمات ستترك بصماتها على ورقة الزمن الانسان الذي في داخله حزن فطري يحن الى الجنة التي اخرج منها بسبب وسوسة الشيطان والقصة معروفة للجميع
قصيدة الحياة تبدأ بطفولة بريئة كالندى وفرحة مشرقة كضوء الفجر يشقشق ستار العتمة ليكتب بهجة اليوم الجديد بتغريد البلابل وهي تسبح بنشوة الزهور والضوء يداعبها فجرا نقيا يلامس الروح فتشعر بالحياة تدب فيها من جديد فتنهض بجسدها صبا الطفولة يبتسم ببراءته للأيام التي تمضي به الى غايتها ثم الفتوة ثم الكد والتعب ومواجهة الحياة وهمومها مباشرة أمال و أحلام و أماني جهد ومشقة عمل متواصل تعب و إرهاق صراع مرير ومتواصل مرئي وغير مرئي هذه هي فلسفة الحياة لا فلسفة الكلمات وفلسفة الشاعر وفكره الخلاق الذي وضعنا في حياتنا مباشره حيث يتحول الجسد الى ركام متعب بمشاعره وأحلامه والروح التي قابعة فيه تحاول ان تعود من جديد تتشبث ببارقة أمل لعل الزمن الأتي يكون أفضل رغم الحيرة والانتظار والنهاية المعلومة للجميع
البناء :
القصائدُ الوغلة في جذورِ الحزنِ ../ تتناسلُ بفرحٍ يُذكّرُ بملامحها ../ كلّما تتنفسُ ( ليليث ) يشهقُ ضلعي
تحتَ ركامِ الجسدِ روحٌ قابعةٌ بفردوسها ـــ طالَ الأنتظارُ وشاهدةُ القبرِ ترفرفُ
عيونها العذراء تُسقدُ حلماً في بئري ../ فيضجُّ صِبا الطفولةِ ../ هكذا تتشظّى آنية الغريب
سكرى بحيراتي مملوءةً بالمحارِ ../ وسفنكِ القادمة تحتَ هديرها فردوسٌ يزهو ../ ينامُ وهجها على شطآنٍ متعبة

التدمير :
شعشعَ القلقُ يتكيءُ على بيادرِ التدنيس ../ هوى كصاعقةٍ يحرقُ الأكاليل ../ كيفَ تعودُ العصافير في جفونٍ طينيّة ... ؟ !
التقديسُ راياتٌ مشتّتةُ تكسّرتْ في النفسِ ../ الحقولُ مبلولةٌ برمادِ الخديعةِ ../ منشغلةٌ تطوي ليلها الموبوء بالنزواتِ
ملعونةٌ أثداءُ ينابيعُ الأشتهاء ../ حقولُ السنابل تحوكُ اسوارَ الهاويةِ ../ كـ أفعى لعوبةٍ تتلوّى تحتَ بساطِ المتاهةِ
الاصدافُ الملوّنة تفقسُ شراراتِ السقوط ../ يخفقُ هذا النَزَقُ يطوّحُ بمكرٍ مفضوحٍ ../ يفتحُ أزرارَ مناسكٍ هجرتها رنّة الروح

وبعد ان اكتمل دورة الحياة و وصلت الى نهايتها دوامة لا متناهية حيث لا مل بالعودة سقوط من صهوة الزمن ثم نهوض استمرار جري عبور حواجز انحدار نحو نهاية العمر يبدأ القلق يتصاعد مع نبض القلب المتباطئ فتيل نور على وشك الانطفاء زمن خداع ماكر سعادة لا تدوم وفرح زائل بمدى بعيد مره به الانسان عبر حروب و قتال حصار وجوع و ارتداد داخل الروح أشبه بانكسار الضوء
الموت :
جثةُ الكوابيس في نعشها تتوارى ../ تغطسُ في ليلٍ بلا كؤوسٍ ../ والضحكات تسحبها عربة لا تعود
الشمعةُ تشيخُ وراءَ جدارِ العزاء ../ وأبوابُ السراديب تقضمُ القادمينَ بصمتٍ ../ شرشفٌ منْ طينٍ يمسحُ وجهَ الأغتراب
والحريرُ المخضّبُ بالنعناعِ همّشهُ الغسق ../ ومراكبٌ تسفي في نهرٍ بخارهُ أعمدة تنوح ../ لا شيء سوى الظلمة تحتفي بالأمواج
زورقُ ألأحلامَ مشتعلاً بالخراب ../ والفتنة تغسلُ زَبَدَ السواحل ../ بينما السفر يطولُ في ثنايا النسيان

وبعد ان اكتملت العناصر الأربعة وكانت الولادة وانبثقت الحياة كزهرة و تدفقت الآمال و الأحلام في الشرايين ثم الوصول الى النهاية عبر دوامة الأيام ومن ثمة بداية اليأس والقنوط عبر تدمير الذات والانكسار تأتي مرحلة الموت ويتوقف كل شيء فيعود التراب ترابا والماء الى أصله و الهواء يعود كما كان نسيم والنار تحرق نفسها في زمن موتور والكوابيس تتوارى في نعشها والأحلام تتحول الى فراشات تحوم حول حياة أخرى
التحليل
نلاحظ ان الشاعر كريم عبد الله يحاول بقصيدته ان يجد علاقة بين الكثافة والعمق بين الشكل والمعنى وديمومة هذه الشكل الى ابعد فترة ممكنه في وعي المتلقي وقد نجح في هذا
والقصيدة هي دائنا في طور التكوين ما لم تنجز مهمتها الموكلة إليها بإيصال المعنى الى إدراك المتلقي فالشاعر يمتلك معنى القصيدة وعلى القصيدة ان توصل هذا المعنى عبر كلماتها الى المتلقي والمتلقي يفهم القصيدة حسب ثقافته هو وأيضا حسب ما يعنيه الشاعر
يمتلك الشاعر الكثير من الإيقاعات الحرة فهو يحلق في فضاءات واسعة بخياله الخصب والشعر الحقيقي لا يكتبه إلا شاعر حقيقي يكتب شعرا حقيقي وأصيل متعدد الصور والكلمات والايحائات وقد برع في هذا أيما أبداع فهو ليس ذلك الشاعر الذي يتعكز على الخيال فقط ولكن على الهام نشيط وخصب قادر على خلق لغة توازي أفكاره ويستنبط من خلالها الزمن الذي يعيش فيه وباعثا رسائل للمستقبل ليس للانقاذ وإنما لتكون دليل على الابداع وكتابة القصيدة و دورها المهم في الحياة وعلى الآخرين ان يدركوا هذه الحقيقة
فمفرداته تتوالد و تتكاثر من خلال القصيدة وتشعر بأنك في نهر يجري لا تعرف من أين ينبع فأوله موصول بآخره الى ان تنتهي من قراءت القصيدة فتدرك حين ذاك ان مصدر الابداع والينبوع الصافي للنهر هو موهبة الشاعر الفذة في صنعة الأدب والذي استخدم الطاقة التعبيرية في الكلمة وحولها الى مفردة جديدة وجميلة وخلق منها صور لا تضاهى من الابداع
النص
أساطيرٌ تحتَ عباءةِ الوهم
الخليقة :
( ماءٌ + ترابٌ ) إنعتقتْ منْ خميرتها فراشاتكِ ../ تُداهمُ ضباباً خشناً بآخرِ الصبحِ ../ ففي حقائبِ العودةِ سيُحشرُ الزمنْ
( هواءٌ + نارٌ ) همجيّتي تنبثقُ ناعسةً ../ تخشعُ إذا داعبها صوتكِ البعيد ../ والمراراتُ تحاصرُ حرقةً مسعّرةً
غريبانِ يطوفانِ بخلجانِ معتمةٍ ../ حلمٌ واحدٌ ينشطرُ كتفاحةٍ ../ والقَدرُ يسعى مستسلماً يطوي المسافات
يتضوّعُ اللقاء في دياجيرِ الوحشةِ ../ على أجنحةِ التواريخ ساكناً ../ كخطواتٍ مؤجّلة بلا طريق
البناء :
القصائدُ الوغلة في جذورِ الحزنِ ../ تتناسلُ بفرحٍ يُذكّرُ بملامحها ../ كلّما تتنفسُ ( ليليث ) يشهقُ ضلعي
تحتَ ركامِ الجسدِ روحٌ قابعةٌ بفردوسها ـــ طالَ الأنتظارُ وشاهدةُ القبرِ ترفرفُ
عيونها العذراء تُسقدُ حلماً في بئري ../ فيضجُّ صِبا الطفولةِ ../ هكذا تتشظّى آنية الغريب
سكرى بحيراتي مملوءةً بالمحارِ ../ وسفنكِ القادمة تحتَ هديرها فردوسٌ يزهو ../ ينامُ وهجها على شطآنٍ متعبة
التدمير :
شعشعَ القلقُ يتكيءُ على بيادرِ التدنيس ../ هوى كصاعقةٍ يحرقُ الأكاليل ../ كيفَ تعودُ العصافير في جفونٍ طينيّة ... ؟ !
التقديسُ راياتٌ مشتّتةُ تكسّرتْ في النفسِ ../ الحقولُ مبلولةٌ برمادِ الخديعةِ ../ منشغلةٌ تطوي ليلها الموبوء بالنزواتِ
ملعونةٌ أثداءُ ينابيعُ الأشتهاء ../ حقولُ السنابل تحوكُ اسوارَ الهاويةِ ../ كـ أفعى لعوبةٍ تتلوّى تحتَ بساطِ المتاهةِ
الاصدافُ الملوّنة تفقسُ شراراتِ السقوط ../ يخفقُ هذا النَزَقُ يطوّحُ بمكرٍ مفضوحٍ ../ يفتحُ أزرارَ مناسكٍ هجرتها رنّة الروح
الموت :
جثةُ الكوابيس في نعشها تتوارى ../ تغطسُ في ليلٍ بلا كؤوسٍ ../ والضحكات تسحبها عربة لا تعود
الشمعةُ تشيخُ وراءَ جدارِ العزاء ../ وأبوابُ السراديب تقضمُ القادمينَ بصمتٍ ../ شرشفٌ منْ طينٍ يمسحُ وجهَ الأغتراب
والحريرُ المخضّبُ بالنعناعِ همّشهُ الغسق ../ ومراكبٌ تسفي في نهرٍ بخارهُ أعمدة تنوح ../ لا شيء سوى الظلمة تحتفي بالأمواج
زورقُ ألأحلامَ مشتعلاً بالخراب ../ والفتنة تغسلُ زَبَدَ السواحل ../ بينما السفر يطولُ في ثنايا النسيان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق