أبحث عن موضوع

الاثنين، 12 ديسمبر 2022

ما هو شعر الهايكو؟................... بقلم : لبنى شراررة بزي- لبنان




"الهايكو" فنٌّ شعريّ يابانيّ الأصل. نشأت قصيدة
الهايكو في اليابان في أحضان ديانة "الزنّ" البوذية ، حسب ما يُجمِعُ عليه أغلب الباحثين في الهايكو، حيث بدأت هذه القصيدة القصيرة في القرن السادس الميلادي بسيطة وساذجة، لم تعْدُ أن تكون أغانيَ للفلّاحين، ثم تحوّلت إلى فنّ شعري قائم بذاته. وقد شهد هذا الفنّ الشعريّ في منتصف القرن السابع عشر قفزة نوعية على يد عرّاب الهايكو الياباني الشاعر ماتسو باشو (١٦٤٤م-١٦٩٤م)، الذي منح للقصيدة بعداً جديدا يتمثّل في الاهتمام بعالم الطبيعة باعتبارها مصدرا للتأمّل واستنباط الحكمة؛ ثم تلاه عددٌ من الشعراء اليابانيين أمثال كوباياشي إيسو ويوسا باسون الذين قاموا بتطوير هذا الفنّ الشعري. انفتح الغرب عن طريق الترجمة على قصيدة "الهايكو" من خلال بعض الشعراء الغربيين من أمثال جاك كوراك وريشارد رايت وإزرا بوند.
وصلت قصيدة "الهايكو" إلى اللغة العربية عن طريق ترجمة نصوص عبر لغات وسيطة كاللغة الانكليزية حتى منتصف القرن العشرين، حيث قام الشاعر السوري محمد عضيمة بأوّل ترجمة لنصوص يابانية مباشرة إلى اللغة العربية في كتابه " كتاب الهايكو"، الذي احتوى على الف قصيدة هايكو مترجمة إلى جانب احتواء الكتاب على النصوص الأصلية. تتكوّن قصيدة الهايكو من ثلاثة أسطر تُكتب بكلمات قليلة جدا وجُمَل مقتضبة. يجوز وضع عنوان لها لكن أغلب الأحيان يختار الشعراء كتابتها بلا عنوان وهذا جائز أيضاً وصحيح. البعض يعتبرها ثلاثة أبيات والبعض الآخر يعتبرها بيتاً واحداً موزّعاً على ثلاثة أسطر. في اللغة اليابانية كانت تُقسّم إلى سبعة عشر مقطعاً صوتياً موزّعة بشكل ٥-٧-٥، لكن بحكم اختلاف المقاطع الصوتية مع اختلاف اللغات تمّ تحرير قصيدة "الهايكو" شيئا فشيئاً من عدد المقاطع الصوتية حتى أصبحت تُكتب بثلاثة اسطر مقتضبة مع المحافظة على عنصر المشهدية(الحاضرة امام الشاعر او في ذهنه) وعنصر الطبيعة(أو ما يشير إلى الفصول الأربعة بشكل مباشر أو غير مباشر)، مع ضرورة الالتزام بصيغة الفعل المضارع للدلالة على الّلحظة الآنية و ضرورة المحافظة على عنصر الدهشة الذي هو من المميّزات الأساسية لقصيدة الهايكو. الجدير بالذكر هنا أنّ الالتزام بعنصر الفصول(الكيغو) الذي كان يُعتبر من أساسيات قصيدة الهايكو اليابانية التقليدية قدّ قلّ مع مرور الزمن ومناداة البعض بالخروج عن الهايكو التقليدي الذي يتمثّل بمدرسة الشاعر "باشو"، أمّا المشهد الإنساني الذي احتلّ قديما مساحة لا بأس بها في قصيدة "الهايكو" فقد اصبح يحتلّ مساحة أكبر في يومنا الحاضر حتى كاد يختلط شعر الهايكو مع شعر "السنرْيو"، وهو فنّ شعري يابانيّ أيضا يُكتب بنفس طريقة الهايكو ويعبّر عن مشهد إنسانيّ حاضر أمام الشاعر او في ذهنه.
وإليكم بعض نصوص الهايكو من ديواني" حديث الفصول الأربعة"(شعر هايكو) :
١-على زهرة الصبّار
تحطّ نحلةٌ دؤوب
لا تخاف أشواكها
٢- بيت جدّي
ما تزال صور الطفولة عالقةً
على الجدران المتآكلة
٣- الحُكمُ المسبق
تتّضح الرؤية حين نقتربُ
من الضباب
٤- ذاك القمر
ملامحه مبهمة
رغم صفاء الجوّ
٥- في غيابي
يتجوّل وحيدا في حديقتي
عطر الورد
٦- دموعُ طفلٍ فقير
رغيفُ خبزِه الناشف
في منقارِ نورس
٧- تلك النعامةُ الشامخة
تدفنُ رأسَها في الرمل
تحمي صغارها
٨- موكبُ الرئيسٍ
يتوقّفُ فجأةُ
بطةٌ برفقةِ صغارِها
٩- القمرُ الخريفيّ
عينٌ ساهرة
على الأوراقِ المشرّدةِ
١٠- موجةُ الصّقيع
رغمَ صِغرِ حجمِها
العصافيرُ تقاومُ الموتَ
١١- صياحُ الدّيك
غير آبه
يتابع الكناري غناءه
١٢- ليلة عيد الحبّ
ألمح طيفك يحضنني
في عيون اولادي
١٣- تحت المطر
اسيرُ بلا مظلّة
أخبّئ دموعي المنهمرة
١٤- (الحقيقة المؤلمة)
تتكرّرُ فصولُ الطبيعة
تمرُّ فصولُ العمر
مرّة واحدة
١٥- خلف
ذاك الأفق المتجهّم
تختبئُ زرقةُ السماء
١٦- بين الأوراق الصُفر
يرقدُ جذعٌ ميّت
وفطرياتٌ حيّة
١٧- ليلةٌ ماطرة
بغزارة المطر
تنهال عليّ الذكريات
١٨- ثلجٌ و برد
بعينين حالمتين أبحثُ
عن دفء الذكريات
١٩- كلُّ هذا الثلج
و لا أشعرُ بالبرد
ذكرياتٌ تشعلُ الحنين
٢٠- ثلوجٌ في كلّ مكان
كيف أجدها
القطة البيضاء المشاكسة
٢١- هجرةٌ جماعية
وحدها تبقى صامدةً
أعشاشُ الطيورِ المهجورة



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق