أبحث عن موضوع

الجمعة، 16 أبريل 2021

كلمات هاربة من زنزانة _ مقدمة لديوان الشاعر سعد المظفر ........... بقلم : لطيف الشمسي // العراق





عندما يسجن الشاعر يتحول المكان الى معبد والشاعر الى قديس
يتوكأ على عصاه كل صباح في فسحة زمنية محدودة الوقت.
يطوف في المعبد.. صوفي ينشر المحبة والسلام والعشق الروحي
ويطلق من خلف القضبان عصافير الجنون لتحط على أغصان
النور والجمال..فكرة تولد من خلالها قصيدة تحتضن كل الناس
وتدور بهم في ملكوت الله...هذا سعد المظفر الشاعر الأنسان الظافر
بأبجدية القصيدة...الشاعر الذي يبحث عن حزمة من الضوء في
نهاية النفق الطويل..لكن الظلام وحده يفترش المكان وينصب خيمة الوحشة على أمتداد الطريق.
(أصحابي عصاياي على الطريق)
كم من الصحبة سار معك على الدرب ؟ وكم من الأخوة من أفتقد
لحظة غيابك ومازلت تنعتهم بأصحابي.ورفاق دربي.تملك قلبآ ناصعآ كالثلج وحرفآ حادآ كنصل سكين..من خلف القضبان تكابر ولا تبالي
تنحت السنين أخاديدها على وجهك الضاحك رغم أنين أحزانك المخزونة
..لكن يبقى رأسك شامخآ كنخيل البصرة كم قرأت تحت ظلالها ذات حلم أول القصائد..
وتكتب الأهداء في لحظة وجد وشوق ودموع تنحدر على الوجنتين
الى أصاحبي..
بكم انبض بالحياة
وأسقط تفاحة الشعر...
وأنقذ القلب من بين الهزائم..
أين الأهل والأحبة..تنتظر بشغف وبفرح طفولي حين تأتي سويعات الزيارة
التي يقوم بها الأهل والأصدقاء لرؤية أحبتهم ويا ويل قلبه من لايأتيه أحدا لزيارته يتحول القلب الى جمرة من اللهب حتى البكاء لا يشفع له قطرة شوق تبقى عيناه شاخصة نحو بوابة الحنين..وعندما تنتهي الزيارة وتجف غزارة الدمع في العيون الكل الى زنزانته يمضي وحيدآ........أيها الشاعر
الحزين لا تنتظر من لا يأتي لقد أغلقت الأبواب..وحدها القصيدة تزورك في كل حين وتضيء لك الدرب..................................................
يا ترى هل أنقذت القلب من الخيبات والهزائم من هذا العالم المدجج
بالخطايا..سوف تبقى تدور وتدور ثم تعود مرغمآ لحرفك الوفي تحتضنه
بود وشوق وحنين. وتكتب عن الأحزان التي لا تنتهي وتهذي طوال الليل
تريث أيها المسجون
بين الناي والنغمة
فهل أبذرت غير الحزن..
لا شيء يا صاحبي وحدها الأحزان تتناسل و تثمر ما زرعه لك القدر كم هربت من قدر الى قدر..وتصرخ بصمت كارثي محطمآ كل الضجيج الذي
يحوم حولك ..
حين أموت أغني أغنية
عابرة عن الذهاب والأياب
عن منجل يقلب القلب في التراب
ويسكن البذرة فيه.
وتجلس وحيدآ مهمومآ في أقصى الزاوية الباردة من السجن تبحث عن لحظة دافئة....مرددآ ما قاله..الشاعر لوركا: آه....يا إلهي لماذا كل هذا العذاب:؟ الشعراء يولدون من رحم الحرمان ويكتبون أوجاعهم بسخاء
وكأنك الوحيد الذي خلق من صلصال لينفخ بك الرب كل عذابات الجحيم..
على هيئة عصفورة
وقفت على شباك زنزانتي
تراودين شوقي الظمآن
تعتريني دمعة ممزوجة بالنشوة.
حسرات وألم ونشوة ممزوجة بالوهم وعصفورة تزقزق على نافذة
السجن التي تشبه كوة صغيرة في جدار طيني ..الضوء المنبعث منها هو من يوصلني اليك وصوت العصافير مناجاة من خلف أسوار الوحشة المميته وصوتك عبر الهاتف يخترق كل المسافات البعيدة ويقتحم كل تضاريس الكون ويصل الى مسمعي أغنية فيروزية تحملنا معآ بنشوة
فرح الى السماوات ونغني معآ أغاني الجنوب الحزينة.
الصمت يضيع في الزحام
الوقت ينكسر على جناح أحجية
كفيفة كعصافير السجون
تدفن أمواتها على شرفتي
تعبر عن حزنها بالنقر على الزجاج
على الحديد البارد
ولا رجاء بأن يعود الى الحياة
ولو قبل خيط الليل
أو قبل أنطفاء الوقت
يرف بجناحه من جديد.
أريد أن أكتب لكِ قصيدة فرح لكن العصفور الذي سقط على شرفة نافذتي الوحيدة خذل الفرح في داخلي وأعادني الى خزين أحزاني المعتقة.. مات العصفور على شرفة النافذة ولا أمل لي بأنقاذه أغلق بموته مسارب الضوء...لكن المسافة الممتدة
بين أول الأرق حتى بزوغ خيوط الشمس التي تحاول أن تتسلل من بين القضبان ..لكنها لا تدخل من نافذة السجن تبقى مخيمة على حافة القضبان
أحدق بها كثيرآ وأتمنى أن يحتضنني خيطآ رقيقآ من الضوء حتى أشعر بأني جزءآ من هذا الكون...
متى أكتب قصيدتي الأخيرة؟ والذاكرة بها آلاف القصائد المجنونة التي
تتسكع ثملة على رفوفها الممتلئة بالوجع..
وأنا أستلم جنونك عبر الأثير أردد مع نفسي من ٍاوحى لك أن ترسل كل
هذا الجنون عبر الهاتف..القصائد التي وصلتني ممتلئة بالشجن والقلق
والآلام ياترى كيف يقرأ السجين قصائده والصوت يتلاشى تارة وتارة
تأتي الكلمات متبعثرة الحروف وأضطر أحيانآ أن اتعصب عليه واقول
اقرأ القصيدة من جديد..وأعرف ايضآ بانه ضجر مني و ربما شتمني في داخله..لان الوقت محدد بأستخدام الهاتف ومكلف أيضآ على سجين لا يملك
قوت يومه .كانت مغامرة متعبة أن تكتب ديوان كامل وترسله عبر الهاتف
كل يوم ترسل نصآ أو ثلاثة نصوص وأحيانآ أكثر من ذلك حسب الظروف
المهم أكتمل الحلم الذي أنتظره ..الشاعر سعد المظفر.. طويلآ هو الآن بين أيديكم........................................
...........

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق