أبحث عن موضوع

الثلاثاء، 10 مارس 2020

يوميات عاشقة / ق.ق ..................... بقلم : هدى أبو العلا _ مصر




النسناس وجبلاية القرود

عاد أحمد إلى البيت فى تمام الساعة الثالثة عصرا، بعدما أوصله الباص أمام بيته، وكالعادة نظرت مشرفة الباص إلى النافذة التى تطل منها والدته لتطمئن على وصوله ولوحت لها بيديها .

استقبلته والدته على باب الشقة بلهفة وشوق، فاتحة ذراعيها لتحتضنه بكل حنان. لكن أحمد لم يشاركها مشاعرها اليوم وظل واقفا متجمدا. فنظرت إلى وجهه وجدته عابثا ويطل من عينيه العسليتين حزن شفيف، انتابها القلق وتناولت منه الحقيبة قائلة مابالك ياأحمد، هل حدث شئ أزعجك فى المدرسة اليوم؟ قال بصوت منخفض لا ،قالت هل ضايقك بعض أصدقائك قال لا، قالت الأم بابتسامة حانية وهى تنظر فى عينيه، إذاً أين قبلة ماما اليوم وأشارت إلى إحدى وجنتيها، فطبع عليها قبلة باردة، ثم تركها واستدار دخل غرفته، ووالدته خلفه قائلة هيا لتبدل ملابسك وتغسل يديك قبل تناول الغداء ،أحضرت لك اليوم صينية المكرونة بالبشاميل مع فراخ البانية التى تحبها.

فلم يستجب لحماسها، وفجأة قال: اليوم صديقى على حكى لى عن قردته أنيسه التى يربيها فى بيته، أحضرها له والده، وعن شقاوتها معه وحركاتها المسلية، وطريقتها المضحكة فى تقشير الموز والفول السودانى. والده يحضر له كل شئ يريده، وأنا كلما طلبت شيئا ترفضى ياأمي، لو كان لي أب كان سيأتى لى بكل شئ كوالد على. هطلت الكلمات البريئة من فم أحمد كطعنة خنجر فى قلب والدته. التى نجحت فى إخفاء دمعتها ،وقالت لإبنها وهى تضمه إلى صدرها ، والدك كان أعظم أب كان يحبك أكثر من نفسه لكنه أستشهد وهو يدافع عنى وعنك وعن الوطن..غدا عندما تكبر تعى جيدا ماذا تعنى كلمة وطن .ياحبيبى لك أن تفتخر دائما إنك إبن بطل يحتفل به الوطن كله ورئيس مصر كل عام. ألم تسلم عليه وأنت ترتدى بدلة الظباط التى طلبتها واشتريتها لك لتقابل بها السيد الرئيس يوم الإحتفاء ؟ مصر ياأحمد لا تنسى اولادها الأبطال الشهداء أبدا، وبإذن الله والدك فى الجنة ومافيها من جمال ونعم. ظل أحمد ينظر لوالدته فى صمت ونمت فوق ملامحه ابتسامة فخر وهو ينصت لكلامها، قالت له أنا أرفض أن نربى حيوانات فى البيت لأن الطبيب منعنا بسبب الحساسية التى فى صدرك. فالحيوانات لا تصلح للتربية هنا. لكننى أعدك يوم الجمعة القادم نذهب سويا مع خاله هشام وابنته سما إلى حديقة الحيوان بالجيزة وتلعب مع الفيلة وتطعم الزرافة، قال متهللا: والقرد سوف نشترى له الموز قالت والدته والقردة والنسناس، فتعجب أحمد من النسناس..قالت له والدته هيا بنا نتناول الآن الغداء وبعدها سأروى لك قصة النسناس وجبلاية القرود.

تناول غذاؤه على عجل ونام على السرير ووالدته بجواره تقص عليه قصة النسناس الشقى الذى كان يشاغب جميع الحيوانات، وفى يوم من الأيام ترك مكانه ولم يسمع كلام والدته وقفز فى جبلاية القرود الضخمة، صرخ عندما تجمعت حوله القرود وهى تشمشم فيه وكادت تجرحه وتنشب فى جسده أظافرها المدببة الطويلة، فسمعت أمه صراخه فألقت بنفسها فوقه لتحميه من القرود الأشقياء. وهنا تدخلت كبيرة القردة فى الجبلاية وأشارت إلى القرود أن ابتعدوا وهم يسمعون كلامها ويطيعونها -حسب قانون الجبلاية - لأن الصغير لا بد أن يطيع الكبير ويسمع كلامه. فحملته أمه على ظهرها بعدما اعتذرت لكبيرة القردة وشكرتها لحمايتها إبنها وخرجت به فى سلام. كان النسناس الصغير يرتجف جسده من الخوف ، ويعتذر من أمه بعد ما وعدها بالطاعة وعدم الشقاوة مرة أخرى . نظرت إلى وجه احمد الذى أخذه النوم ووضعت قبلة حانية على جبينه قائلة نم حبيبى فى سلام.

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص أو أكثر‏‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق