أبحث عن موضوع

الأربعاء، 17 أبريل 2019

هواجس الحكاية المفقودة ........................ بقلم : رشا الجزائري _ الجزائر



أصبَّحنا نلتقي صُدفة كالغرباء،لا يجمعنا إلا ركوبُ حافلةٍ أو عبور شارعٍ ،مرَّ بقربي و عَيناه لم تبصِر حتى ظِّلي الذي يعانِق ظِّله حين تقاطع.

ربما في هذه اللحْظةِ كنت بالنسبة له طيفًا كباقي الأطياف ، هاهي سحبنا تبتعد هاربةً عن بعضها تَتقاذَفها أقدام الرياح في سرعة لا مُتناهِية على مَدى إتساع السَماء.

كانت هَواجِسه مثل خِنجر يَمني قَديم ظَلت مستقِرة في جانبهِ ، ترافقُه على الدوام وتلعِب

على حبل ثقته بالنساء.

و كان خَوفي من فُقدانه يعزف لحنا مرتعِشاً ، و آمالي تتأرجح على خيط رفيع يؤَدي السقوط منه إلى المعلوم،عاصِفة على أعتاب الروح تنفث شموع الوصْل لتطفئها، كنت أبتلعُ الكلام في حضور جدِّيتِه، وحتى القهقهات والحماقات إن راودتني حتى لا تتعثر بهواجسه ، فتلبَسُني الخيبات كمعْطفٍ مرقعٍ يزيدني بردا بدونه.

لم تكن المسرحية مُمتعة الفصول بقدر ما كان يَملأها ماضٍ و عبء سنين أرهق قلْبَه،

حاول كثيرا أن يتخلص منه لكنْ عبثا يفعل.

بقي يقارن ، يحلل ، يستنتج ،في كل مرة يزرع وهما جديدًا و يقنع نفسه أن تربَةَ أفكاره صالحة،و في كل مرة أقتنع أنا بأن الجرحَ سينزف أكثر والوعد صار طريح الفراش ينازع سكرات التعب.

حاولتُ كثيرا أن أضع في كفه كل أوراقي و كل الرُؤى لعله يصدق فيواجه هواجسه ويحاكمَها ، لكنه حاكم صدقِي وعلق إحساسي على مشنقة حدسه،فتهنا معا في أدغال وفراغات منسية.

٠تعبت سفينتِي قبل الوصول و هي تصارع الموج الأحمق، تهرَأَ شراعُها كثياب مُتسَوِّل يلاحق قطيع المتشَردين ليتماهى في بردهِم و ضياعهِم ، تَعِبتُ حَّد الثمالة وتوغلتُ في عتمة الشرود ، أقاوم زيف الحلم الذي يجمعني به كل ليلة و أطردُ أشباح الدخان التي تتوارى خلف عباءة الليل .

تعبت أنا!! و بقي هو على هامش الغياب يمزق بخنجره القديمِ شرايين حِكايَتِنا المفقودة ،صَفَّق الجُمهور و أسْدَل القَدر ستار المسرحية بِكَبسَة زر، و أصْبَحنا نلتقِي كَالغُربَاء.

/10/04/2019/باريس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق