أبحث عن موضوع

الجمعة، 21 أكتوبر 2016

قراءة نقدية للمجموعة الشعرية '' رقص على الجمر'' للشاعر كمال الشاطي ................ بقلم : عزة الخزرجي // العراق




معمار الصورة الشعريًة وطرائق تشكيلها
بين عنوان المجموعة الشعريًة الرئيسيً'' رقص على الجمر'' وبعض من عناوينها الفرعيًة الداخليًة صلة ورباط وثيق إذ من المتواضع عليه لغويا أن المصدر يدلً على فعل أو حدث غير مقترن بزمن بل هو ينحو نحو الإطلاق زمانا ومكانا وليس اعتباطا أن يختار الشاعر كمال شاطي المصدر العامل ''رقص'' ليعمل عمل الفعل ويتعلًق به متمم المفعول ''على الجمر'' ليزيده ايحاء بحركة متسارعة مجنونة عاتية ملتهبة /الرقص على الجمر/ وهذا النسق المتسارع المجاوز حدًه في السرعة دورانا حدً الدوار يسلم إلى عنوان داخلي من عناوين المجموعة الشعريًة '' دوامة الحياة'' والرقص على الجمر والدوامة كلاهما عصف حركيً بلا توقف فإذا كان الرقص في تسارعه يتناظر مع الدوامة فانً الجمر لا محالة يتناظر مع الحياة كما تبدًت لشاعر ''الرقص على الجمر'' وهو يمعن النظر في كنه الأشياء والموجودات من حوله فتكشًفت شفاه الصابرين جمر ورود إذ أنًها تصطلي بنار انتظار تبرعم حلمها في خضم دوامة الحياة بل في أعاصيرها وزوابعها المزبدة ويشتد لفح لهيب نارها المستعرة في الأعماق وهي تئنً تحت وطأة قيود تلجم اندفاعاتها وتحدً من جموحها وتوقًدها واتقادها توقا إلى ما وراء الفجاج وتستشعر هول وهن يدبً في أوصالها ويحفر أخاديد في الجسد الناري المسكون بهواجس لا تهدأ وبالوعي الحاد الفاجع المأساوي بفعل الزمن المبيد المضعف إذ أنً اختلاف الليل والنهار ينسي فتمسي الذاكرة راكدة مواتا بعد تقلًب وتقليب في مسارات دوامة الحياة اللاهثة المعربدة
ومخافة انتهاء النقاء وآخر مناسك الورد كان الانكفاء إلى الطفولة هربا من مآزق دوامات الحياة الطاحنة التي لا تبقي ولا تذر.فيسترجع طور البسمات الوليدة ويكاشف اللائذ بما تولًى وجوها يشاهد فيها الإله ويمسك بجلابيب حلم الطفولة ويتشبًث بها حتى لا يسقط تحت طائلة رحى دوامة الحياة وبين فكيها
ولكنً نار حرقة ألف سؤال تضحك في داخله مثلما تأكل الفأس الشجر وهذا الغليان على موقد نار الإشفاق من الذبول والتولًي يشتدً ويتلاشى الحلم في متاهات إدراك أنًه لمس متعدد فذبول لورد الشغف الأكبر
ومن الجليً أن ً النصً الشعري حفيً أيًما احتفاء بالصورة الشعرية حريص على صوغها وفق معمار وطرائق تشكيل تنشد التفرًد والتميًز إذ أنً لكلً نصً شعري صوره المميًزة التي يستخدمها الشاعر للتعبير عن حقائق إنسانية حيًة في اللاوعي البشري وهذا الوشم الخاصً يميًز شعرا وتجربة شعريًة ً عمًا سواها ونستصفي لغاية إجرائية جملة من خصائص الصورة كما تجلًت في'' رقص على الجمر'' للشاعر كمال الشاطي ونسيج الصور خيوطه موصولة بجهاز نظري وبرؤية للحياة وفلسفة في الوجود نسلت هذه الحالة من التوجًس الدائم من التصرًم والتلاشي وأمام ناظري صاحبها رفعت لافتة خطً عليها بالخطً العريض ''الحبً كالنار يخبو إن طال به الأمد''
وما جاء رافع اللافتة يطلب نارا بل جاء يشعل بالأعماق نارا تصلى زمن الجلد والجليد إذا لم يجد الشاعر كمال الشاطئ من سجل لغوي ملائم يقدً منه صوره ويتخذه لبنات معمارها سوى سجل النار واسترفد الشاعر عناصر أكثر ايحاء بالتدمير والنسف دوامات ....تحفر أخاديد في الجسد والماعا إلى الإفناء والإبادة فعاديات الذكريات تخور في خضم زوابع الغضب وأعاصير الدمار
ويستقدم الشاعر ألوان الفرح المختلس من الماضي من زمن البراءة الأولى حتى لكأنً زيتها يضيء النفس المقهورة ويطيًب ثرى الأحلام المقبورة تحت ركام من رماد إحراق المنى ولجمها كما تجلًت في المشهد الأوًل من قصيدة ''دوًامة الحياة ''وهو مشهد التوتًر إذ تعذًر السفر والرحيل بعيدا إلى أقاليم قصيًة منشودة وها هي مرايا الروح تكبًلها القيود ....وموج البحر مطايا بلا قوائم ...واستنبات زهور الأمل وتعميدها بسناء وماء علًها تعود بحلم دائم ما كتب له تبرعم والزنابق البيضاء لا تطلب في السباخ لذا سرعان ما بركت مطايا الخيال ليجلس من أيقن ألا يستقى الفرات من الصحاري القاحلات القرفصاء ويعود إلى سيرته الأولى متأمًلا في الحياة وفي الوجود مدركا أنً لكلً شيء عمرا ...حتى الحلم له نهاية ولا عزاء لمن دجًن أحلامه ...تحت غباء الصمت
وما كان الشعر إلا حديث الوجع وفتنة الامتحان ويتبدًى لنا كون شعري في'' رقص على الجمر'' بعرض فيه العالم من خلال مخيًلة بلا ساحل ولكنً صاحبها استبدت به هواجس الفقد والانقضاء وما كانت صوره الاً صور الوجيب والجوى متراكضة على أديم النصً معبًرة عن الصراع الوجداني الوجودي في الذات لتتعالق الرؤية النفسيًة والفلسفيًة وتلقي بظلالها على صور شعريًة ناريًة الكنه والماهيًة اشاريًة الدلالة موحية بمعاني جمًة منها معنى الاكتواء ولنقف على حقيقة''لحرقة البوح ألف سؤال ''
وأمًا الرغيف المحترق والمتعلًق بجلابيب الحلم مخافة انتهاء النقاء فقد حاول أن يحبس الحبً في قفصه الصدري ولكنً قوًة الإدراك كانت أشدً ومدً المخيلة أعقبه جزر بل سكون لحظات الاحتضار وهكذا يكون سجل النار المبثوث في ثنايا النص وأعطافه معادلا للانتهاء
ولئن كان النفس الوجداني يسري في أعطاف قصيدة ''دوامة الحياة'' أنوذج المجموعة الشعريًة ''رقص على الجمر'' فانً الرؤية الفكريًة والفلسفيًة الوجوديًة كان له أثرها العميق في بناء الصور الشعرية وفي تشكيل شعريًة النار وأبعادها الدلالية والفكرية ومنها''أنً لكلُ شيء إذا ما تمً مقصان ...فلا يغرً يطيب العيش إنسان .وهكذا تتنزل المجموعة الشعريًة رقص على الجمر'' في إطار كتابة تنشد الإحاطة بأسئلة الشعر وبهواجس الكتابة والإبداع عموما إذ أن عصارة الروح حروف أنهكت صاحبها والقصيد احتراق أزلي ...أجراسه بداية الولوج والانغماس ...تذبذب أفكار الفراش دليل عشق خالد
ويظلً السؤال الأكثر إلحاحا والأشد إثارة للقلق والحيرة واضطرامها أيها الحبً وراء الغيوم هل أنت مخلدي؟
دوامة الحياة
شفاه الصبر جمر الورود
مرايا الأرواح تكبلها القيود
سروج البحر مطايا
دوامات …
تحفر أخاديد بالجسد
عاديات الذكريات تخور
تسير عكس الجريان
كلما تقدم العمر
اراني كلما ضحك طفل
وجوه اشاهد فيها الإله
اثقب بيضة النجمة المنسية
أشرب منها زلال وجهها
ارمي الصفار للشمس
كأسناني اللبنية
عله تعود بحلم دائم
يسقط بعد التسوس
تعلمت من السنين
أن لكل شيء عمر
حتى الحلم له نهاية
ليس للحب موت
أمطار الذكريات
تتساقط آناء الليل
تبلل العاشقين فقط
لاعزاء لمن دجن أحلامه
تحت عباءة الصمت
لامناص …
فكل شيء ولادة وموت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق