أبحث عن موضوع

الأربعاء، 28 سبتمبر 2016

.عرافة من الشمال ( قصة قصيرة )................. بقلم : عبد الغنى أبو عريف / مصر



تدثرت الليل والعتمة ، عبرت الطريق إلى التلة بخطوات تملؤها اللهفة ، طرقت الباب القديم ، أطلت من خلفه امرأة غجرية الشعر ، فى فناء وسط الدار البالية الجدران جلست ، عيناها اللامعتان تضفيان عليها غموضا لا يقل عن غموض كلماتها القليلة ، تفحصتها مرة تلو الأخرى ، أشارت بيدها إليها أن اقتربي فاقتربت وجلة مترددة .
مدت كفها إليها ، عبثت بأناملها فى الكف الممتد ثم قالت :
" من هنا ... سيأتي " !!!
نظرت حيث أشارت العرافة فلم تجد سوى الجدران فتساءلت بسخرية :
" أيخرج من بين الجدران " !!
ظهر الغضب على وجه العرافة لكنها تمالكت وأردفت :
" من حيث تشرق الشمس سيأتي "
هن كذلك العرافات ، غموض في كل شيء ، كلماتها الغامضة تزيد الحيرة ، توقف التفكير ، تدور بالعقل في دوامة اللا منطق !؟
" صفيه لي أكثر ... من فضلك " قالتها فى توسل وضراعة .
" من قلبه يجرى النيل .. وفى صوته تراتيل معابد"
أواه منك أيتها الشيطانة ، قالتها فى نفسها وخرجت تلفها الحيرة ، يتجاذبها الصمت ، في الطريق أزاحت ما تمرد من شعرها ولامس الوجنتين .
تأملت النجوم ، احتضنت الريح ، تنفست ببطء علها تعيد للجسد توازنه المفقود .
ألقت بجسدها على الفراش تتحسس الوسائد الملتهبة ، يجافيها النوم .
في الصباح تصحو كعادتها ، تذهب لعملها ، تتجاذبها أحداث الحياة اليومية ، تتناول غدائها وتسافر عبر الأثير ، تتحادث ، تتحاور ، تتناقش ، ترى عبر الأثير نهرا ورائحة نخيل ، تسال نفسها " أيكون هو .. نبوءة العرافة ؟؟ " .
تتجاهله بوجهها وان كانت نظراتها تتركها إلى كلماته !؟ ، دون أن تدرى تعطيه رقم الجوال !!!.
تترك الأثير وتعود لفراشها الملتهب من جديد ، يعلو صوت الجوال ، تنتفض ، تتردد ، تتزايد دقات قلبها ، تضرب الهواء بكفها الرقيق ، تجمع ما تبقى من شتات الحيرى " مرحبااااا ... " قالتها وصمتت ، هدأت أنفاسها قليلا حين تسللت إلى أذنيها تراتيل معابد فرعونية ، أغمضت عينيها واحتضنت الجوال .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق