أبحث عن موضوع

الخميس، 27 نوفمبر 2014

نفاد الحداثة المؤسسون للمنهج السوسيولوجى ومجالات تطبيقه........ بقلم الناقد : سعد المظفر /// العراق



نفاد الحداثة

المؤسسون للمنهج السوسيولوجى ومجالات تطبيقه
1- جورج لوكاتش (1885-1971)
يعد جورج لوكاتش من رواد هذا الإتجاه فى القرن العشرين، إذ أن جولدمان كثير ما يعاود قراءة أعماله خاصة "الروح والأشكال" و "نظرية الرواية" حيث تناول لوكاتش العلاقة الحميمة بين المبدع والواقع المعاش، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية يركز لوكاتش على الوعى التاريخى المنبعث من قبل المؤلف وكيف إستطاع أن يوضحه من خلال أعماله.
2- لوسيان جولدمان:
إعتمد جولدمان على بعض مقولات أستاذه جورج لوكاتش مما جعله يصل إلى مكانه جعلته مؤسس المنهج البنيوى التكوينى، إذ نجح من خلال دراستيه "الإله الخفى" و "مسرح راسين" فى تناول "الرؤية المأساوية فى خواطر باسكال وراسين وسعى إلى الإحاطة (بالنيات) التصورية للنصوص المدروسة، وإستخلاص (الكليات) العقلية والإجتماعية، وتوصل إلى أن (خواطر) باسكال، ومآسى راسين ليستا سوى تعبير عن الوضعية المأساوية التى عاشتها نبالة مثقفة موزعة بين أصولها وإرتباطاتها البوجوزاية وهى تعبير يتجلى فى رفض العالم لدى الجانسينية".
وعليه نستطيع القول إن جولدمان عندما طبق المنهج السوسيولوجى إستطاع أن يركز على الإبداع الفردى للمؤلف الذي يعد بطبيعة الحال جزءاً من الإبداع الجماعى أى أنه يؤكد أن إبداع الفنان هو جزء من كل وعليه نستطيع القول أن دراسة جولدمان لبنية النص الأدبى من منطلق تكوينى يسهم بدوره فى الوصول إلى نتيجة مؤداها أن بنية النص تسهم بدورها فى تحديد بنية ورؤية هذه الطبقة أو الفئة للعالم المحيط والذى ينتمى إليه المؤلف بطبيعة الحال. أى أن جولدمان عندما يحلل بنية أعمال راسين من خلال مسرحياته إنما يصل إلى وجهات نظر المؤلف من خلال بنية النص والتى تأتى بطبيعة الحال معبره عن العالم المحيط وبذلك نستطيع القول إن إبداع نعمان عاشور أو سعد الدين وهبة أو هنريك إبسن على سبيل المثال إنما هى أعمال كتبها مؤلفوها فى ظل ظروف خاصة ترتب عليها إفراز هذه البنى التى تمثلها أعمالهم. فمن المسلم به أن " ثمة علاقة جدلية بين الفن والواقع فمن جهة تؤثر التراكيب الإجتماعية والسياسية والإقتصادية على شكل العمل الفنى وتحكم آلياته وتسيطر على صراعاته ومكونات أبطاله، ومن جهة أخرى فإنه يمكن معرفة العالم الخارجى من خلال الإبداع الأدبى والفنى.
وعليه نستطيع القول إن المنهج السوسيولوجى يربط إبداع الكاتب بالمجتمع الذى يعيش فيه وهو يختلف عن منهج التحليل النفسى الذى يربط الإبداع بالفرد المبدع وحده دون أن يقيم حساباً للبناء الإجتماعى أو للوعى الفردى إرتباطه بالوعى الجماعى داخل وحدة كاملة هى المجتمع ككل.
إن المفاهيم الأساسية التى يقيم عليها جولدمان ملامح منهجه تتمثل فى وعيه الدائم بضرورة النظر إلى الإبداع الأدبى (والمسرحى) بطبيعة الحال على أساس أنه مجموعة من الظواهر الإجتماعية والسياسية والتاريخية والثقافية، أى أن العمل الأدبى إنما هو نتاج إجتماعى بقدر ما هو إبداع فردى، وهو يختلف عن مفهوم السيوسيولوجيا كما يراها روبيرا اسكاربت الذى يربط بين الإنتاج الأدبى وبين طرق وسبل نشره وتوزيعه وبطبيعة الحال يركز على طرق إستقباله من قبل الجمهور. ويختلف الإتجاه السوسيولوجى الآخر الذى يركز على دراسة الإنتاج الأدبى "لمجموعات مهنية وإجتماعية، ونقل الإهتمام من الفرد المدروس حسب مهنته، إلى السنوات الأولى من طفولته، كما يدرس مضمون الوعى الجماعى فى أعمال عدد من المؤلفين المختلفى الجنسيات".
3- ميخائيل باختين (1895-1975)
يعد باختين "المؤسس الأول لعلم إجتماع النص الأدبى، أو حتى لعلم إجتماع الشكل الأدبى وقد تعرض باختين فى دراساته لنظرية الإنعكاس المباشر التى كانت شائعة فى الإتحاد السوفيتى فى مرحلة الثلاثنيات وأكد أن الأدب ليس إنعكاساً آلياً للمجتمع بقدر ما يكون الفن "تعبيراً إجتماعياً مرتبطاً بما هو خارج الوعى الفردى، وأن الوعى الذاتى لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الوعى الجماعى" وعليه نستطيع القول إن باختين أدرك أهمية الرواية كعمل فنى نستطيع من خلاله أن ندرك جميع فئات المجتمع الدنيا وهو ما جعله يرى أهمية الأشكال الشعبية والدونية كمادة توضح نظم الصراع الموجودة داخل المجتمع.
تحدث باختين عن الموضوع الجمالى كما يحدد ذلك.د. محمد على الكردى فرأى أن الموضوع الجمالى "ليس مبدأ ميتاً فيزيقياً سابقاً على الخلق الفنى، إذا أنه الواقع الحى والملموس لحركة الوعى الخلاقة، وهى حركة تتشكل، على الطريقة الظاهرانية، داخل مواقف معرفية وأخلاقية ماثلة دائماً من قبل.
إن الوعى الخلاق يدمج، فى تكوينه للموضوع الجمالى، بين اللحظة التقويمية أو المعيارية، ووصفية الحدث أو الظاهرة التى يتناولها بالمعالجة فى إطار لغة رمزية".
طبق باختين آراءه على أعمال رابليه فى رسالة دكتوراه التى قدمها عام 1965م على دستوفسكى وإستخلص من خلال دراسته شكلين من أشكال الرواية هما:-
1- الشكل الكرنفالى.
2- شكل الرواية المتعدد الأصوات (أى الحوار الذى على شكل ديالوج بين الكاتب وشخوصه الغائبة وشخوصه الحاضرة).
4- بييرزيما (1946):
إستطاع زيما أن يتخطى مرحلة التأثير بباختين إلى مرحلة الإضافة والإبتكار والتفسير، فلم يعد همه من دراسة النص فقط دراسة المجتمع وحسب، بل نجده يهتم بمسألة "معرفة كيف تتجسد القضايا الإجتماعية والمصالح الجماعية فى المستويات الدلالية والتركيبية والسردية للنص".
حرص باختين على ضرورة تجسيد وتحديد جوانب الصراعات الطبقية فى المجتمع الواحد وهو يذكرنا بأعمال الكثير من كتاب مسرحنا المصرى إذ حرصوا أمثال- سعد الدين وهبه- نعمان عاشور- نجيب سرور- لطفى الخولى- يوسف إدريس فى مجال المسرح- من خلال مسرحياتهم على ضرورة إيضاح أوضاع الطبقات الإجتماعية وصراعاتها كما تمثل عندنا فى ظهور طبقات وإختفاء طبقات أعقاب ثورة 1952م والإنفتاح الإقتصادى 1978م.
إن دخول طبقات جديدة إلى أماكن لم يكن من حقهم من قبل دخولها أدى إلى إنقلاب معايير اللغة المتداولة فى هذه الأوساط الإجتماعية وهو ما حدث فى مصر فى أعقاب الإنفتاح الإقتصادى حيث وجدنا الإزدواجية تظهر فى الشخصية وفى الحوار وفى السلوك.
إن زيما بذلك إستطاع أن يقدم منهجاً نقدياً تحليلياً سوسيولوجياً قوامه ليس فقط الإنغلاق على النص، بل الخروج عن النص إلى دائرة المجتمع والجمهور والمستقبل لهذا النص، غير أن البعض يوجه النقد إلى منهج زيما النقدى ويرون أن تأكيد زيما على النص وحده على إعتبار إنه لغة وليس أكثر من ذلك أمر غير صحيح ذلك أن النص يتكون من عدد من الإنساق المتعددة من العلامات منها ما هو علامات لغوية أو غير لغوية (كما فى مجال السيميولوجيا- السيمياء- السييموطيقا- علم العلامات).
إن زيما لم ينس أن النص الأدبى- ونحن نرى أن هذا ينسحب على النص المسرحى أيضاً- ليس كالوثيقة التاريخية التى يعتمد فيها المؤرخ على التأكيد على صحة هذا الأمر من عدمه، بل يظل الأدب قادراً على تجاوز هذه المرحلة ونستطيع أن نتلمس ذلك فى مسرح الكثير من كتابنا المصريين أمثال الفريد فرج فى مسرحيته "سليمان الحلبى" وعبد الرحمن الشرقاوى فى مسرحيته "الحسين ثائراً" و "الحسين شهيداً" على سبيل المثال.
ومما سبق نستخلص أنه:
عند إستخدام هذا المنهج النقدى فى دراسة النص المسرحى فإننا نعتقد أن الناقد المسرحى سينجح فى تحقيق جانباً هاماً وحيوياً يتمثل فى كيفية تطويع هذا المنهج من أجل تحليل بنية هذا النص التكوينية على أننا نرى أن القصور سيتبلور فيما يتعلق بالجانب الشكلى إذ أننا سنحلل مضمون العمل دونما الإقتراب من الشكل. وعليه فنحن فى حاجة إلى تحليل النص على مستوى المضمون والشكل دونما الإقتصار على أحدهما كما فى المنهج الشكلى الذى يركز على الشكل دون المضمون أو كما فى المنهج السيوسيولوجى (البنيوى التكوينى) الذى يركز على المضمون دون الشكل.
إن نقاد البنيوية التكوينية (نقاد السوسيولوجيا) سعوا من خلال أعمالهم "إلى إرساء قواعد المفهوم الماركسى"- المتطور- فى تناول النص الأدبى، وقد أكدت هذه الأعمال على أهمية العنصر الإجتماعى فى الأدب، بوضع الدوافع الإجتماعية الثابتة التى ينتمى إليها المضمون الأدبى، أمام العناصر الأسلوبية المتغيرة التى ينتمى إليها الشكل الأدبى، هذا بإبقاء النص الأدبى مجملاً لمواجهة دائمة، أو جدل دائم، بين المضمون والشكل ونتيجة لذلك نما الوعى النقدى بضرورة إيجاد نوع من توازن كل الظروف والعناصر التى تبقى المضمون والشكل متفاعلين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق